تكلف الممارسات التي يشوبها الفساد والرشوة الاقتصاد العالمي نحو 3.6 تريليون دولار سنويا وفقًا لما جاء في أحدث تقارير الأمم المتحدة، وهو ما يتطلب تعزيز ثقافة الشفافية والنزاهة في المنظمات المختلفة لمواجهة الفساد وما يسببه من عرقلةٍ وتباطؤٍ لنمو الاقتصاد العالمي والأضرار البالغة على سوق العمل وحجم التوظيف، خاصة في وقت مليء بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تحتاج إلى جهود مكثفة ومشتركة لتخطيها، ولذا يجب على قادة الأعمال العمل معًا لإيجاد الرؤى والحلول لنشر وتعزيز ثقافة الشفافية في المنظمات بمختلف أنشطتها.
مفهوم الشفافية والنزاهة
تتمثل الشفافية في المنظمات في وضوح وتوافر معلومات كافية للجمهور، خاصة فيما يتعلق بأهداف المنظمة وفلسفة عملها وهيكلها التنظيمي، إضافة إلى المعلومات الخاصة بمصادر تمويلها وخططها المستقبلية، ويشمل المفهوم إتاحة الفرصة في المشاركة في إعدادها والتعليق عليها، ويعد من الأركان الأساسية للشفافية وجود آلية واضحة للجمهور حول كيفية التعرف والاستفادة من الخدمات التي تقدمها المنظمة، ولتحقيق ذلك يلزم توافر سياسة عامة خاصة بالنشر والإفصاح، تتيح للجمهور متابعة القرارات الصادرة من المنظمة.
ما هو العائد من تطبيق ثقافة الشفافية والنزاهة؟
تختلف صعوبة تطبيق أسس وآليات الشفافية على حسب القطاع المستهدف، وعلى سبيل المثال في القطاع المالي المعروف بصعوبة تطبيق معايير الشفافية والنزاهة لكونه أكثر تعقيدًا من غيره من القطاعات لاحتوائه على مجموعة كبيرة من العناصر المترابطة والمتشعبة التي تتطلب وقت وجهد كبير لدراستها وإتاحتها إلى الجمهور بشكل دقيق ومستمر وهو ما تشير إليه أولى المبادئ التي تنص عليها الشفافية، وفي حالة حدوث عكس ذلك من إتاحة المعلومات والبيانات الدقيقة إلى من يطلبها من جمهور وزيادة تكريس ثقافة الغموض داخل المنظمة، يبدأ الفساد الإداري في الظهور وترتفع معدلات الفساد داخل المنظمة، وبالتالي هناك علاقة عكسية بين الشفافية ومعدلات الفساد داخل المنظمة وعند زيادة مستويات الشفافية تقل معها مستويات الفساد.
وتعد الشفافية والنزاهة هي المعيار لتحقيق الأرباح سواء كانت على الصعيد الاقتصادي أو السمعة، بداية من مقدار الأموال التي يجنيها القادة إلى مدى تنوع موظفيهم ووصولًا إلى كيفية ومصدر الحصول على الموارد، ويبقى السؤال حول ماذا سيعود على المنظمة والموظفين من خلال إثراء ثقافة الشفافية؟
أثر تعزيز ثقافة الشفافية على المنظمات
- تجذب الشفافية المواهب والكفاءات: طبقًا لدراسة أجرتها منصة Slack الشهيرة للتواصل بين فرق العمل وموظفي الشركات عام 2018م، يفضل حوالي 87% من المشاركين في الدراسة أن تكون منظماتهم التي يعملون بها أكثر شفافية، ورصدت دراسة أخرى أجرتها شركة TINYpulse لاستطلاع الآراء على أكثر من 40 ألف موظف، أن الشفافية كانت العامل الأول الذي يساهم في سعادتهم بشكل كبير مما يدل على أن إثراء مبادئ الشفافية في بيئات العمل وفي المنظمة بشكل عام أصبحت غاية غالبية العاملين.
- تبني الشفافية الثقة بين العملاء: عند النظر إلى تأثير الشفافية على العملاء نجد طبقًا لدراسة أجرتها شركة Label Insight الاستشارية أن حوالي 94% من المستهلكين يفضلون العلامات التجارية التي تتبنى ثقافة الشفافية في أعمالها، وعندما تمنع الشركة بعض المعلومات عن المستهلكين، فمن المرجح أن يسعى المستهلكون للحصول على هذه المعلومات من مكان آخر، لذا لا تدع مصدرًا خارجيًا يسحب ولاء عملائك في حين قدرتك على أن تكسبه بنفسك.
- تساهم الشفافية في تحسين الأداء العام وكفاءة المنظمة: يساهم تطبيق سياسة اللامركزية في اتخاذ القرارات والشفافية في نشر المعلومات بين الموظفين كما يجعلهم أكثر فاعلية في أداء عملهم من خلال المعلومات التي تجعل كل موظف يفكر كأنه في محل مدير الشركة، فيصبح الموظف أكبر المدافعين عن الشركة وأيضًا أكبر المنتقدين لها، ويمكن تطبيق تلك الاستراتيجية من خلال النصائح التالية:
من الممكن جعل جميع قنوات Slack الخاصة بالشركة عامة، بحيث يمكن للجميع تصفح محتوياتها، وتستثني من ذلك قنوات الموارد البشرية، والقنوات الخاصة بالتخطيط وميزانية المنظمة وأي معلومات حساسة أخرى، وينصح بتمكين الموظفين من اتخاذ قرارات كبيرة والعمل على الأفكار الواعدة التي من المحتمل أن تغير قواعد اللعبة دون انتظار موافقة الإدارة.