ساهمت تقنية المعلومات وتطبيقاتها في ثورة بمختلف القطاعات والمجالات وأنشطة المنظمات، فلم يعد هناك مجال لم تقتحمه التقنية وتفرض شروطها وضوابطها الجديدة للمواكبة والاستمرار والنمو سواء على المستوى المحلي أو العالمي، مما خلق منافسة شديدة بين المنظمات والهيئات والدول على اقتناص النصيب الأكبر من سبل التأمين المطروحة بسوق تقنية أمن المعلومات وتطبيقاتها المتطورة التي تضمن حماية المهام والتي أصبحت بمثابة اقتصاد قائم بذاته ربما تتجاوز عوائده وأرباحه ميزانيات دول مجتمعة بالكامل.
ويساهم التعامل مع تقنية المعلومات والزيادة في الرقمنة بنسبة 10% في تحقيق زيادة 0.75% في الناتج المحلي للفرد وتراجع 1% في معدلات البطالة وفق بعض الدراسات لمنتدى الاقتصاد العالمي، مما يدفع إلى ضرورة التعرف على المزيد من القيم الاقتصادية لتقنية أمن المعلومات والتي سنستعرض أبرز ملامحها عبر الآتي.
أرقام ودلالات عن تقنية أمن المعلومات
نمت عائدات منتجات وخدمات أمن المعلومات في جميع أنحاء العالم بشكل متصاعد خلال الفترة بين أعوام 2011 و2021م، حيث سجلت 55 مليار دولار أمريكي عام 2011م واستمرت في النمو حتى تجاوز الضعف مسجلة 114.1 مليار دولار أمريكي عام 2018م، و120.9 مليار دولار أمريكي عام 2019م، و133.7 مليار دولار أمريكي عام 2020م، و150.4 مليار دولار أمريكي عام 2021م.
ورصدت توقعات أن يحقق حجم سوق تقنية أمن المعلومات خلال الفترة من 2016 إلى 2024م تصاعد في القيمة من 118.1 مليار دولار أمريكي مسجلة عام 2019م إلى 125.2 مليار دولار أمريكي خلال عام 2020م، وأن يصل إلى 174.7 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2024م.
وسجل حجم سوق خدمات الأمن المُدارة في جميع أنحاء العالم نحو 27.7 مليار دولار أمريكي عام 2020م، وقدرت التوقعات أن تصل تلك القيمة إلى 64.7 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026م، كما يتزايد حجم سوق أمن المعلومات كخدمة (SECaaS) عالميًا خلال الفترة من 2021 وسط توقعات أن يستمر إلى 2026م بحيث يسجل 10.8 مليار دولار أمريكي عام 2021م، و12.6 مليار دولار أمريكي عام 2022م، و14.6 مليار دولار أمريكي عام 2023م، و16.9 مليار دولار أمريكي عام 2024م، و22.6 مليار دولار أمريكي عام 2026م.
ويلقى مفهوم الأمن السيبراني رواجًا بين المهتمين بأمن المعلومات لما يحققه من ضمان وحماية من الهجمات والمخترقين، وتزايد الإنفاق على الأمن السيبراني في جميع أنحاء العالم خلال الفترة من 2017 إلى 2021م، حيث ارتفعت توقعات قيمة الإنفاق من 34 مليار دولار أمريكي عام 2017م لتسجل أعلى معدلاتها بنحو 60.2 مليار دولار أمريكي خلال عام 2021م، لكن المجال يشهد فجوة في القوى العاملة المتخصصة، وتتصدر منطقة آسيا والمحيط الهادي من حيث عدد المهنيين بنحو أكثر من 2 مليون مهني، وتليها أمريكا اللاتينية بـ527 ألف مهني، وأمريكا الشمالية بـ376 ألف مهني، وأوروبا بـ168 ألف مهني.
كما تتصدر الولايات المتحدة الأمريكية أعلى معدلات حجم القوى العاملة في مجال الأمن السيبراني بين دول العالم بـ 1.1 مليون موظف بالمجال، وتليها البرازيل بـ 581 ألف موظف، والمكسيك بـ 515 ألف موظف، وألمانيا بـ 464 ألف موظف، والمملكة المتحدة بـ 300 ألف موظف، واليابان بـ 276 ألف موظف، وكوريا الجنوبية بـ 239 ألف موظف، وفرنسا بـ 146 ألف موظف، وأستراليا بـ 134 ألف موظف، وأسبانيا بـ 124 ألف موظف، وكندا بـ 123 ألف موظف، وسنغافورة بـ 92 ألف موظف، وهولندا بـ 35 ألف موظف، وأيرلندا بـ 15 ألف موظف.
أمن المعلومات محليًا
حققت المملكة العربية السعودية المرتبة الثانية عالميًا في مؤشر الأمن السيبراني ضمن تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية لعام 2022م الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية في سويسرا IMD، مما يعكس حرص المملكة على دعم الأمن السيبراني عبر جهود شملت تنفيذ نحو 45 تمرين سيبراني وتمكين أكثر من 4000 مختص في مجال الأمن السيبراني، ورفع مستوى التوعية السيبرانية لأكثر من 7200 مستفيد بمختلف الجهات، وتنفيذ المبادرات الهادفة إلى تعزيز تنافسية الكوادر الوطنية المتخصصة في المجال.
وتقدر نسبة الإنفاق على الأمن السيبراني في المملكة العربية السعودية بنحو 7% من إجمالي الإنفاق على قطاع تقنية المعلومات بالمملكة وهو ما يفوق معدلات النسبة العالمية المقدرة بـ 5%، كما تبلغ نسبة النمو في الإنفاق على الأمن السيبراني بالمملكة 13.7% نظير 10.9% عالميًا و5% عربيًا، ويتوقع أن يسجل سوق صناعة الأمن السيبراني العالمي 326 مليار دولار بحلول عام 2027م وفقًا لتقديرات «جراند فيو ريسيرش» بنمو سنوي تقدر نسبته 10% بدء من عام 2020م.
وتعمل المملكة العربية السعودية على اتخاذ العديد من الإجراءات لدعم أمن المعلومات والأمن السيبراني بشكل مكثف، وتتمثل أبرز تلك الجهود في تدشين الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني التي تستهدف وفق شعارها “فضاء سيبراني سعودي آمن وموثوق يمكّن النمو والازدهار”، والذي يتحقق من خلال 6 محاور رئيسية هي التكامل، والتنظيم، والتوكيد، والدفاع، والتعاون، والبناء، وذلك عبر تغطية ضوابط الهيئة الوطنية للأمن السيبراني التي تصل إلى 114 ضابط أساسي موزعة على بعض المستهدفات وهي حوكمة وتعزيز وصمود الأمن السيبراني، وعلاقة الأمن السيبراني بالأطراف الخارجية والحوسبة السحابية وأنظمة التحكم الصناعي.
ويزيد الاهتمام بالحوسبة السحابية من دوافع تعزيز الأمن السيبراني لأهميته لتلك التقنية، لما يوفره من حماية من الهجمات السيبرانية على الحلول السحابية ودعم لمقدمي الخدمات والمشتركين وضمان لحماية وسلامة وسرية وتوافر المعلومات، وحماية الأنظمة وأجهزة معالجة المعلومات، وإدارة أمن الشبكات.