قوافل تجارية تمر وسط الصحراء محملة بالتمر والتوابل والحرير والأحجار الكريمة، هكذا كان المشهد المتكرر الذي شهدته شبه الجزيرة العربية لقرون عدة، وكانت تلك الرحلات التجارية تستمر لشهور متتالية معتمدة على شبكة من الطرق الثابتة بين البلدان وبعضها البعض،  وذكرت إحدى تلك الرحلات في القرآن الكريم في قوله تعالى {إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} (سورة قريش)، وهي إحدى رحلات أهل مكة التجارية التي كانت تقام أحدها في فصل الشتاء وكانت لليمن والأخرى في فصل الصيف لبلاد الشام.

    ولعب الموقع الجغرافي لشبه الجزيرة العربية دورًا محوريًا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، حيث تحتل شبه الجزيرة العربية موقع متوسط بين الشرق والغرب تمر من خلاله الخطوط التجارية البرية والبحرية، مما ساهم في الربط بين الشرق والغرب تجاريًا  ووصول المنتجات مثل التوابل والعطور إلى العالم الغربي، إضافة إلى تبادل ما يستورده أهل شبه الجزيرة العربية من الصين والهند والحبشة وبعض مناطق السودان.

    وظلت التجارة تتطور وتنمو وتتغير أنواعها وأنماطها على مر السنين حتى وصلت إلى الصورة المعقدة التي عليها اليوم، ولكن الشيء الثابت الوحيد في هذا هو دور ومكانة المملكة العربية السعودية الراسخة قديمًا وحديثًا في حركة التجارة بالمنطقة والعالم.

    أرقام ومؤشرات عن حركة التجارة الخارجية للمملكة 

    تقع دول مثل الصين والهند واليابان في صدارة قائمة أكبر الشركاء التجاريين للمملكة العربية السعودية، حيث يشكل حجم التجارة الخارجية مع دول الصين نحو 139.7 مليار ريال، والهند نحو 55.8 مليار ريال، أما اليابان فتقع في المركز الثالث بحجم تجارة يبلغ نحو 55.3 مليار ريال، وتشكل الدول الثلاثة نحو 34% من إجمالي حجم التجارة الخارجية للمملكة العربية السعودية بإجمالي قيمة 250.78 مليار ريال سعودي، وتأتي الولايات المتحدة الأمريكية في المركز الرابع بتلك القائمة بحجم تجارة يبلغ نحو 51 مليار ريال، وفقًا لما نشرته صحيفة “الاقتصادية” نقلًا عن البيانات الرسمية المعلنة، وذلك خلال النصف الأول من عام 2021م.

    وبلغت الصادرات السعودية السلعية نحو 144.1 مليار ريال في شهر مايو 2022م مسجلة ارتفاعًا بنسبة 83.4% مقارنة بنفس الفترة عام 2021م، وترجع تلك الزيادة إلى ارتفاع حجم الصادرات البترولية بمقدار 59.7 مليار ريال سعودي بنسبة تبلغ نحو 105.5%،  بينما سجلت الصادرات غير البترولية وتشمل عمليات إعادة التصدير ارتفاعًا بنسبة 26.7% بحجم صادرات بلغ 27.9 مليار ريال سعودي مقارنة بشهر مايو من العام الماضي الذي سجل 22 مليار ريال سعودي.

    وارتفعت الواردات خلال شهر مايو الماضي بنسبة 21.8% بما تعادل قيمته 9.6 مليار ريال وقيمة كلية تقدر بنحو 53.9 مليار ريال سعودي، مقارنة بنفس الشهر عام 2021م الذي بلغ حجم الواردات خلاله نحو 44.2 مليار ريال سعودي، وتعد دول مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان وأمريكا من أهم الدول المصدرة للسعودية، وتتمثل أبرز الدول التي تستقبل الواردات السعودية في الصين وأمريكا والهند واليابان والإمارات العربية المتحدة، وفقًا لما ورد بالتقارير الدورية الصادرة عن  الهيئة العامة للإحصاء بالمملكة الصادرة لشهر مايو عام 2022م.

    النفط 

    تعرف المملكة كواحد من اللاعبين الرئيسيين في إنتاج وتصدير النفط على مستوى العالم، حيث تمتلك السعودية 17.2% من إجمالي احتياطيات النفط العالمية، وبحجم إنتاج يقارب 11 مليون برميل يوميًا وفقًا لإحصائيات موقع  Statista  لعام 2021م. 

    ويمثل النفط المصدر الأساسي للطاقة في العالم، ويشكل وحده ثلث احتياج العالم من الطاقة، وبجانب استخدامه كمصدر للطاقة يدخل النفط في جميع جوانب الحياة ومختلف الصناعات بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وتستخدم مشتقاته في الصناعات الدوائية ومستحضرات التجميل، ويدخل في صناعة بعض أنواع البلاستيك والطلاء والأصباغ، كما يستخدم كمدخل في إنتاج الأمونيا الذي يستخدم بشكل واسع في صناعة وإنتاج الأسمدة الزراعية والمبيدات الحشرية.  

    وتحتاج المملكة العربية السعودية كمنتج وأكبر مصدر للنفط الخام في العالم إلى الحفاظ على علاقاتها الدولية، حيث قدر إجمالي ما تم تصديره من نفط لدول العالم بنحو 95.7 مليار دولار خلال عام 2020م، وتتركز الوجهات الرئيسية لصادرات النفط الخام السعودية في الصين بقيمة 24.7 مليار دولار، وتليها اليابان بقيمة 15.1 مليار دولار، وتتبعهما كوريا الجنوبية بقيمة 12.8 مليار دولار ثم دولة الهند بقيمة 11.1 مليار دولار، وأخيرًا الولايات المتحدة بقيمة 6.59 مليار دولار، وذلك خلال عام 2020م طبقًا لموقع OEC للرصد الاقتصادي.

    وصنفت مصر كأسرع الأسواق نموًا للصادرات النفطية السعودية بين عامي 2019م و2020م بقيمة 734 مليون دولار، وبروناي بقيمة 10 مليون دولار، والنمسا بقيمة 77.2 مليون دولار.