ينمو اقتصاد الفضاء ويتطور جنبًا إلى جنب مع التطور والتحول العميق الحادث في قطاع الفضاء، فضلًا عن زيادة اندماج الفضاء وارتباطه بالمجتمع والاقتصاد، واليوم ومن خلال التطوير السريع للبنية التحتية الفضائية المنتشرة أصبح تطوير خدمات جديدة في الفضاء أمرًا واقعيًا، والذي بدوره يتيح لنا تطبيقات جديدة في قطاعات مختلفة، منها على سبيل المثال الأرصاد الجوية والطاقة والاتصالات والتأمين والنقل والبحرية والطيران والتنمية الحضرية، مما يؤدي بدوره إلى المزيد من المنافع الاقتصادية والمجتمعية، ولذلك يتحرى لنا الإشارة إلى أن قطاع الفضاء لا يعتبر قطاعًا قابلًا للنمو في حد ذاته فحسب، بل هو عامل مساعد وحيوي للنمو في باقي القطاعات الأخرى.
مفهوم اقتصاد الفضاء وحجمه
يعبر مصطلح “اقتصاد الفضاء” عن السلع والخدمات المنتجة في الفضاء لاستخدامها في الفضاء، مثل تعدين القمر أو الكويكبات بحثًا عن مادة ما وذلك وفقًا لمجلة هارفارد بيزنس ريفيو، وتعرفه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأنه أي نشاط يتضمن “استكشاف، والبحث في، وفهم، وإدارة، واستخدام الفضاء بشكل عام”.
وارتفع حجم التداول العالمي للاقتصاد الفضائي بوتيرة سريعة خلال العقد الماضي ومنذ بداية 2010م كان حجم التداول يقدر بنحو 276.5 مليار دولار وفي غضون 10 سنوات وصل حجم التداول العالمي إلى نحو 446.88 مليار دولار، ليعاود الارتفاع في عام 2021م ليسجل نحو 469.3 مليار دولار أمريكي. أما عن حجم العوائد العالمية للاقتصاد الفضاء فقد بلغت عام 2015م قرابة الـ 300 مليار دولار، لترتفع في عام 2022م وتتخطى الـ 400 مليار دولار، ومن المتوقع أن تتخطى بحلول عام 2040م تريليون دولار.
وعلى صعيد الإنفاق الحكومي العالمي على برامج الفضاء فقد بلغت بنهاية عام 2014م قرابة 42.4 مليار دولار، واستمرت في الارتفاع لتبلغ عام 2016م نحو 62.2 مليار دولار، حتى وصلت عام 2020م نحو 82.5 مليار دولار وارتفعت بشكل ملحوظ خلال العامين التاليين لتصل بنهاية عام 2022م إلى نحو 103 مليار دولار.
والجدير بالذكر أن العالم قد أطلق خلال الفترة من 1957م إلى عام 2021م عددًا كبيرًا جدًا من الأقمار الصناعية، وبلغ عدد الأقمار الصناعية التي تم إطلاقها عام 1985 قرابة 120 قمر صناعي وبلغت ذروتها عام 2021م بعدد يقارب الـ 180 قمر صناعي، وعند الحديث عن عوائد الأقمار الصناعية فقد بلغت عام 2010م نحو 168 مليار دولار أمريكي واستمرت في الارتفاع التدريجي لتصل بنهاية 2021م إلى نحو 279 مليار دولار، طبقًا لإحصائيات موقع Statista.
رؤى مستقبلية
ودفعت هذه الديناميكيات بعض المحللين إلى إعلان أن صناعة الفضاء يمكن أن تصبح الصناعة التالية التي تبلغ قيمتها تريليون دولار بحلول عام 2040م، وتشمل الاتجاهات الحالية الرئيسية التي تؤثر على اقتصاد الفضاء ما يلي:
1- استمرار الاهتمام العام والاستثمار المتزايد في الأنشطة الفضائية في جميع أنحاء العالم.
2- مستوى غير مسبوق من الاستثمار الخاص في المشاريع الفضائية، المرتبط بجاذبية أعلى وربحية متوقعة ونمو سوق رأس المال الاستثماري.
3- استمرار نمو عائدات صناعة الفضاء.
4- مواصلة تطوير الأنشطة التجارية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الأنشطة القائمة على الأقمار الصناعية الصغيرة، وتطوير الأنشطة التجارية في مجالات جديدة، على سبيل المثال رحلات الفضاء.
5- الصناعات الفضائية التقليدية، والتي لا تزال تولد الحصة الرئيسية من الإيرادات، ولكنها تواجه أسواقًا أكثر تنافسية وغير مستقرة.
6- مواصلة تطوير الفضاء الجديد في جميع أنحاء العالم.
7- زيادة اندماج الفضاء في المجتمع والاقتصاد مما يؤدي إلى خلق المزيد من القيمة والمزيد من الفوائد الاجتماعية والاقتصادية.