يعد قسم الموارد البشرية أحد أهم الأقسام التي تعتمد عليها المنظمة لإدارة أغلى أصولها وهي الأصول البشرية، وتكتسب أهمية قسم الموارد البشرية اهتمام بالغ من خبراء وعلماء هذا المجال، وخلقت جائحة كوفيد-19 العديد من التحديات على مستوى المنظمات والتي تتطلب مواجهتها حتى تستقر بيئة العمل وتعود لطبيعتها بعد الاضطراب الذي أحدثته الجائحة.

    ويجب أن تكون إدارة الموارد البشرية مستعدة للتعامل مع تأثيرات عالم العمل دائمة التغير بوتيرة سريعة، وبالنسبة لموظفي الموارد البشرية، وجب عليهم فهم التحديات التي جلبتها الجائحة والأزمة الاقتصادية العالمية التي تبعتها وما فرضته من تحديات، ولذا تبنت العديد من المنظمات طرق جديدة وآليات للتواصل وإنجاز العمل، وواجه متخصصو الموارد البشرية الجزء الأكبر من  التحدي حيث تم تغيير كل عنصر من عناصر إدارة الموارد البشرية تقريبًا بشكل جذري. 

    وتحولت كل مهمة عمل عادية إلى مهمة عمل عن بعد، حتى المقابلات والاجتماعات أصبحت يتم إجراؤها عبر الإنترنت من خلال العديد من منصات الفيديو، وأصبحت متابعة أداء الفرق عبر الإنترنت والاجتماع بهم افتراضيًا جزءًا لا يتجزأ من المهام العملية، والتي شهدت طريقة جديدة لممارسة العمل واتجاهات وديناميكيات جديدة لإدارة الموارد البشرية.

    العمل والتعلم عن بعد 

    لم تكن فكرة العمل عن بعد رائجة قبل جائحة كوفيد-19 لكنها أصبحت ضرورة وانتشرت على نطاق واسع بين المنظمات بعد الجائحة، لكنها واجهت افتقار السياسات والبنية التحتية المناسبة لجعل إمكانية العمل عن بعد عملية وسهلة لدى المنظمات، ومع تفشي الوباء فُرض على الشركات التكيف مع اتجاهات العمل من المنزل بين عشية وضحاها، وصاحب ذلك منحت إدارات الموارد البشرية للموظفين إمكانية الوصول إلى جميع الأدوات التي يحتاجون إليها للعمل من المنزل، وهو ما بات أكثر تنظيمًا واستقرارًا في الوقت الراهن ويفضله عدد كبير من الموظفين بجانب طريقة العمل الهجين، وأظهرت توقعات موقع The Ladders للتوظيف أن 25% من الوظائف الشاغرة في أمريكا الشمالية ستكون عن بعد وسيستمر هذا العدد في الزيادة حتى عام 2023م.

    ويكتسب التدريب والتعليم أهمية بالغة للقوى العاملة، حيث يحتاجه الموظفون الآن أكثر من أي وقت مضى، حتى يتمكنوا من العمل واستخدام التقنيات الجديدة، وأن يستغلوا الوقت الذي وفره لهم نموذج العمل عن بعد في التركيز على مناطق ضعفهم وتعلمهم كيفية تصحيحها وتطويرها، وأظهرت إحصائية لموقع Udemy الشهير، أن الطلب على تحسين المهارات نما بأكثر من 38% عن العام الماضي، مما يظهر مقدار الطلب الكبير ورغبتهم في صقل مهاراتهم، ويدق ناقوس خطر للمنظمات التي لا تهتم بتدريب موظفيها بشكل مستمر.

    الأنشطة والتعاون الافتراضي 

    افتقد الكثير من الموظفين الأنشطة التي اعتدوا عليها عند عملهم بالمكتب مع زيادة الاعتماد على نظام العمل عن بعد، حيث اعتاد الموظفون على الذهاب إلى المكتب ومقابلة زملائهم والاجتماع بشكل دوري، وكان كبار الموظفين دائمًا في الجوار لإرشاد الموظفين الجدد كما اعتدوا على أنشطة مثل الذهاب إلى الكافتيريا في أوقات الراحة والدردشة مع الزملاء، لكن تلك الأنشطة توقفت خلال ظروف العمل عن بعد، ولذا يتعين على إدارات الموارد البشرية إعادة تصميم تلك الأنشطة لتكون أكثر ملائمة للوضع المتغير في الوقت الراهن.

    وتعتمد المنظمات بشكل كثيف على برامج محادثات الفيديو مثل “جوجل ميت” و”زووم”، والتي تُشعر الموظف بقدر من التواصل مع زملائه كما اعتاد على فعل ذلك في المكتب، ولكن مع النمو السريع لمنصات التعاون الرقمي وزيادة الاعتماد عليها من قبل المنظمات، يتعين على إدارات الموارد البشرية أن تركز على تحسين تجربة الموظف على نظام أساسي للتعاون الرقمي بحيث يعكس أو يحاكي التفاعل في المكاتب.

    تحليل البيانات و أتمتة المهام

    يتجه العالم نحو استراتيجيات تعتمد على البيانات، وتستخدم إدارات الموارد البشرية البيانات بشكل كلي للكشف عن الفجوة في مهارات القوى العاملة، كما يساعد تحليل البيانات الذكي المنظمات في تقدير الطلب المستقبلي من العمالة والتخطيط له، إضافة إلى اتخاذ قرارات توظيف أكثر دقة.

    ويقضي موظفو الموارد البشرية 40% من وقتهم في أداء  أعمال روتينية، ولذا من المهم تطبيق نظام الأتمتة لتلك الأعمال الروتينية مثل اعتماد أو رفض طلبات الإجازة، والتعامل مع المطالبات المحاسبية وكشوف المرتبات والمصروفات، وغيرها من الأعمال الدورية التي يجب أتمتتها حتى يستغل موظفو الموارد البشرية ذلك الوقت في اتخاذ قرارات أكثر أهمية للمنظمة.