هل تعلم أن 30% من إيرادات القطاع الخاص في مكة المكرمة تأتي من الحج؟ تلك الرحلة المقدسة السنوية التي تجمع ملايين الحجاج الوافدين إلى المملكة العربية السعودية، والتي جعلتها أكبر وجهة دينية عالمية للمسلمين الذين يتوافدون لأداء المناسك من مختلف دول العالم كل عام فيأَشْهُرٍ معلومات” كما في القرآن الكريم، وعلى قدر عظم تلك الرحلة من الجانب الديني لملايين المسلمين، إلا أنها لا تقل في الأهمية من المنظور الاقتصادي، ولذا نستعرض المزيد عن العوائد والفوائد التي تحققها السعودية من تلك الرحلة الإسلامية.

      أرقام ومعلومات حول الحج  

      يعد الحج ثاني أكبر مصدر دخل للملكة العربية السعودية بعد النفط، حيث تقدر إيرادات الحج بأكثر من 8 مليار دولار أمريكي، والتي يتم احتسابها جزءًا من القطاعين العام والخاص غير النفطي كما تحتسب في الناتج المحلي الإجمالي، ويتوقع أن تنمو الإيرادات المتوقعة من الحج لأكثر من 150 مليار دولار أمريكي، وأن يوفر أكثر من 100 ألف وظيفة دائمة خلال 5 سنوات، ويحقق الحج  25 إلى 30% من دخل القطاع الخاص في مكة المكرمة والمدينة المنورة خلال تلك الفترة، وفقًا لجمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين العالمية.

        ويتوقع أن تنمو الاستثمارات في البنية التحتية للحج إلى 112 مليار ريال سعودي بحلول عام 2025م، متقدمة في حجم الاستثمارات عن المعدلات التي سجلت خلال الفترة بين أعوام 2018م و2020م والتي سُجل خلالها 93 مليار ريال سعودي، وتتضمن البنية التحتية عددًا من الطرق والوسائل المؤدية إلى مكة المكرمة التي توفرها المملكة لتسهيل توافد حجاج الداخل لأداء المناسك، وفي مقدمتها وأكثرها استخدامًا طريق (جدةمكة) السريع الذي استخدمه نحو 86.5 ألف حاج للوصول إلى مكة خلال موسم الحج لعام 2019م، كما وصل 68.8 ألف حاج عبر طريق مكة المكرمة، و48 ألف عبر طريق (المدينة المنورةمكة)، و21.3 ألف عبر طريق (جنوب مكة)، و10 آلاف عبر طريق (الطائفمكة)، و7.7 ألف عبر طريق (جدةمكة)الطريق القديم”، و6.3 ألف عبر (محطة قطار الحرمين).

          وقدرت أعداد الحجاج بنحو 2.5 مليون حاج عام 2019م من بينهم 1.86 مليون حاج من خارج مكة مقابل 634 ألف حاج من داخل المملكة العربية السعودية، وتستحوذ آسيا على غالبية الحجاج الأجانب بأعداد تصل إلى 1.12 مليون حاج، وقرابة 415 ألف حاج من الدول العربية، و188 ألف من أفريقيا، و67 ألف قادمين من أوروبا، ونحو 32 ألف حاج من دول مجلس التعاون الخليجي، وعادةً ما يستحوذ الرجال على النسبة الأكبر من الحجاج حيث قدر عددهم بـ 1.39 مليون حاج من عدد الحجاج الإجمالي لعام 2019م من بينهم نحو 979 ألف من الخارج مقابل 1.1 مليون من النساء من بينهن 876 ألف من الخارج، كما كانت غالبية حجاج الداخل غير السعوديين من المواطنين المصريين.

            وتصدرت باكستان أعداد الحجاج والمعتمرين الأجانب في المملكة العربية السعودية عام 2018م بنحو 1.35 مليون شخص، وتبعتها إندونيسيا بـ 881 ألف شخص، والهند بـ 579 ألف شخص، ومصر بـ 405 ألف شخص، وتركيا بـ 279 ألف شخص، كما كان عام 2020م استثنائيًا حيث توقع أن يبلغ متوسط عدد الحجاج 2.5 مليون حاج، لكنه شهد ذروة جائحة كوفيد-19 مما أدى إلى تقليص تلك الأعداد إلى 1000 حاج فقط من داخل المملكة، مما منع حوالي 1.8 مليون مسلم غير سعودي من أداء الركن الأعظم خلال هذا العام.

               ويشكل قطاع الحج والعمرة المصدر الأساسي لدخل قطاع الضيافة والفندقة وتجارة التجزئة في المملكة العربية السعودية، ووفق البيانات والإحصاءات تخصص 25% من ميزانية الحاج للسكن والطعام وتختلف معدلات الإنفاق بين الحجاج، وعادة ما ينفق الأجانب أثناء الحج أكثر من السكان المحليين، حيث يتراوح متوسط المعدلات بين 5600 دولار أمريكي للحاج الإندونيسي إلى 44000 دولار أمريكي دولار للحاج القادم من دبي.

                ويعد تناول مياه زمزم بكثرة من العادات والسمات التي يقدسها المسلمون خلال أداء مناسك الحج، حيث يتم استهلاك ما يقرب من مليار لتر مكعب من المياه في المتوسط في المشاعر المقدسة بالمملكة، ورصدت الإحصاءات تزايد حجم الاستهلاك على مدار بعض السنوات الماضية مثل عام 2018م الذي بلغ الاستهلاك خلاله 970 مليون لتر مكعب مقابل 935 مليون لتر مكعب عام 2017م، و880 مليون لتر مكعب خلال عام 2016م.

                  وتعمل المملكة على توفير كميات مياه زمزم المقدسة بمختلف مناطق المشاعر من خلال نقلها من بير زمزم الذي يبلغ عمقه 30 مترًا ويقع داخل المسجد الحرام على بعد 21 مترًا من الكعبة، ويتدفق من أبو قبيس وتل الصفا بمعدل حوالي 11-18 لترات من الماء كل ثانية، حيث تم إطلاق 6 مشاريع لتموين وتوفير وصيانة مصدر المياه بتكلفة تصل إلى 3.1 تريليون ريال سعودي، وتوفير 40 ألف مبرد مزود بمياه زمزم للحجاج بمكة والمدينة،كما توزع حوالي 41 مليار لتر من مياه الشرب خلال موسم الحج.

                    ويعتبر الحصير(السجّاد) والمسابح الإسلامية (السِّبَح) من الهدايا التذكارية المهمة التي تحظى باهتمامات الحجاج وكذلك الذهب والمجوهرات، ويعد المصريين من كبار المنفقين بين الحجاج الأجانب، حيث ينفق الحاج ما يصل إلى 700 دولار أمريكي على تلك المنتجات خلال فترة للحج، إضافة إلى شراء الهدايا التذكارية والبضائع، وماء زمزم، والتمور السعودية، وسجلت توقعات أن يرتفع الإنفاق على تجارة التجزئة لحج 2022م إلى 5.6 مليار ريال سعودي.

                       وتتضمن مناسك الحج إقامة نحو 100 ألف خيمة مكيفة في مِنَى لاستضافة الحجاج، وإلقاء نحو 14 مليون من الجمرات خلال المشاعر، كما يتم ذبح 1.2 مليون رأس من الأضاحي وتشمل الماشية والأغنام والماعز والجمال من قبل أكثر 16000 عامل مسلخ، وتتولى الحكومة في المملكة التبرع باللحوم في غضون 84 ساعة بعد الذبح، حيث تصل إلى المستفيدين في 27 دولة من العالم الإسلامي وكذلك للمحتاجين في منطقة الحرم بمكة المكرمة، وعقب انتهاء المناسك ومغادرة الحجاج تتطلب عمليات الصيانة والتنظيف إغلاق 8 كيلومتر مربع من المساحة المحيطة في مكة لتنفيذ تلك الأعمال، وهو ما يضع على عاتق حكومة المملكة القيام بأكبر عملية إنفاق بيئي والتي تصل تكلفتها إلى أكثر من 530 مليون دولار أمريكي.