منظمة الأوبك، المنظمة الاقتصادية صاحبة التأثير الأكبر والجدل الأوسع عالميًا، فبالرغم من أهمية دورها في تنظيم السياسات النفطية العالمية لأكبر منتجي ومصدري النفط في العالم، إلا أنها دائمًا ما تواجه الكثير من الانتقادات نتيجة لقراراتها المؤثرة التي قد تعتبرها بعض الدول مخالفة لمستهدفاتها الاقتصادية، لذلك في هذا المقال نتطرق إلى تاريخ تأسيس المنظمة ودورها وحجم تأثيرها العالمي.
التأسيس
تأسست منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” في بغداد عام 1960م من قبل العراق وإيران والكويت والسعودية وفنزويلا، بهدف تنسيق وتوحيد السياسات البترولية بين الدول الأعضاء من أجل تأمين أسعار عادلة ومستقرة لمنتجي البترول مع إمداد فعال واقتصادي ومنتظم للبترول للدول المستهلكة؛ وعائد عادل على رأس المال للذين يستثمرون في تلك الصناعة.
وقبل تشكيل منظمة الأوبك، كان يسيطر على سوق النفط الدولية مجموعة من شركات الطاقة متعددة الجنسيات تسمى بالأخوات السابعة، وتم إنشاء المجموعة في وقت كان العالم فيه يشهد تغيرات عالمية متتابعة، في ظل إنهاء الاستعمار على نطاق واسع وولادة العديد من الدول المستقلة الجديدة في العالم النامي، التي لها الحق في ممارسة السيادة الدائمة على مواردها الطبيعية لصالح تنميتها الوطنية.
وتضم منظمة أوبك حاليًا 13 عضوًا، وانضم إلى المؤسسين الخمسة منذ ذلك الحين الجزائر وأنغولا والكونغو وغينيا الاستوائية والجابون وليبيا ونيجيريا والإمارات العربية المتحدة، ويقع مقرها الرئيسي في العاصمة النمساوية فيينا.
وفي عام 2016م، شكلت أوبك تحالفًا مع الدول الأخرى المنتجة للنفط لإنشاء (أوبك +) ليشمل الدول العشر في (أوبك +) الآن روسيا وكازاخستان وأذربيجان والمكسيك وعمان، ثم جاء التحرك لإنشاء (أوبك +) استجابة لانخفاض أسعار النفط الخام جزئيًا بسبب الزيادة الهائلة في إنتاج النفط الصخري الأمريكي منذ عام 2011م.
تأثير المنظمة في الاقتصاد العالمي
تنتج الدول الأعضاء في أوبك حوالي 40% من نفط العالم، وتشكل صادراتها حوالي 60% من تجارة البترول العالمية، وفي عام 2021م، قدرت منظمة أوبك أن الدول الأعضاء فيها تمثل أكثر من 80% من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم، وبسبب الحصة السوقية الكبيرة للمجموعة، تؤثر قراراتها على الأسعار العالمية، ويجتمع أعضاؤها بانتظام لتنسيق كمية النفط الخام التي سيتم بيعها بشكل جماعي في الأسواق العالمية.
ويعد أشهر المواقف التي أظهرت الـتأثير الحقيقي لمنظمة “الأوبك” كان عام في عام 1973م، عندما فرض أعضاؤها العرب حظرًا على الولايات المتحدة والدول الأخرى التي دعمت إسرائيل خلال حرب يوم الغفران، والتي تُعرف عالميا باسم “الصدمة النفطية الأولى”، وقد تسببت في ارتفاع أسعار النفط أربع مرات في غضون ثلاثة أشهر، وأدى ذلك إلى نقص الوقود في الولايات المتحدة، ويُنظر إليه على أنه أحد أسباب الأزمة الاقتصادية المطولة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى في السبعينيات.
وتشمل التطورات الجيوسياسية البارزة الأخرى التي أثرت بشكل كبير على أسعار النفط الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات، وحرب الخليج في 1990م-1991م، والأزمة المالية الآسيوية عام 1997م، والأزمة المالية العالمية 2007م-2008م.
وانهارت أسعار النفط الخام في منتصف عام 2020م عندما دخلت البلدان في جميع أنحاء العالم في حالة إغلاق، وبعد ذلك، قرر أعضاء (أوبك +) خفض الإنتاج بمقدار 10 ملايين برميل يوميًا أي حوالي 10% من الإنتاج العالمي، لمحاولة دفع الأسعار إلى الارتفاع.
وفي الآونة الأخيرة، قررت منظمة (أوبك +) في الثاني من أبريل الماضي زيادة الخفض إلى 3.66 ملايين برميل يوميًا، وهو ما يعادل 3.7% من الطلب العالمي، وذلك بسبب عدة أسباب أبرزها التوقع بانخفاض الطلب العالمي للنفط، نتيجة المخاوف المتزايدة من حدوث أزمة مصرفية أخرى في الأشهر الأخيرة إلى قيام المستثمرين ببيع الأصول ذات المخاطر العالية مثل السلع، في ظل انخفاض أسعار النفط إلى ما يقارب 75 دولار للبرميل من ذروة بلغت 139 دولار في مارس من عام 2022م، وقد يؤدي حدوث ركود عالمي إلى انخفاض أسعار النفط، لذلك قامت المجموعة بخفض الإنتاج كإجراء احترازي لتحسين استقرار السوق.