أثر زيادة استخدام الهواتف الذكية وخاصة منصات التواصل الاجتماعي بين جيل الألفية تحديدًا إلى دفع الشركات الناشئة في مجال التقنية المالية إلى توقع عصر جديد من الخدمات المالية، تشارك فيه جميع الشركات بطريقة أو بأخرى، وهناك مؤشرات تشير إلى أن خدمات التقنية المالية الآن تمر بنفس اللحظة التي مرت بها منصات التواصل الاجتماعي قبل انتشارها بشكل كبير بين الناس، ومع انتشار الخدمات المالية عبر الإنترنت وما تقدمه من حلول وإمكانات مبتكرة تستهدف فئة كبيرة من الأفراد، أصبح من الصعب المجادلة في صحة ما تم ذكره.

      سهلت وسائل التواصل الاجتماعي الطريقة التي تتفاعل بها البنوك والشركات الأخرى مع العملاء، حيث يمكن استخدام بيانات الوسائط الاجتماعية لمساعدة الأشخاص في الحصول على قرض أو ائتمان أو فتح حساب مصرفي، كما شهدت خدمة العملاء أيضًا تحولًا هائلًا بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى سبيل المثال، قارنت مؤسسة Econsultancy معدلات استجابة 16 بنكًا على وسائل التواصل الاجتماعي في المملكة المتحدة في سبتمبر من عام 2014م، وجاءت أسرع استجابة في ثلاث دقائق فقط وأطولها في حدود ساعة واحدة و24 دقيقة، حيث سمحت وسائل التواصل الاجتماعي لأعداد كبيرة من العملاء بالتعبير عن شكواهم من خلال هذه القنوات الجديدة، مما تسبب في تولد شعور لديهم بأنهم أكثر ارتباطًا بالبنك أو المؤسسة التي يتعاملون معها.

        ولم يتوقف الأمر عند خدمة العملاء حيث بالعودة إلى شهر نوفمبر من العام الماضي، أشار رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك الذي أوضح مسبقًا خطته في دخول سوق المدفوعات خلال أحد الاجتماعات المقامة في Twitter Spaces، أن مستخدمين تويتر سيكونون قادرين على تحويل الأموال إلى أشخاص آخرين عبر المنصة، ومنذ ذلك الإعلان لم يتم الكشف عن مزيد من التفاصيل حول هذه الخطة، لكن من الواضح أن تويتر لا يزال يعمل بنشاط على تنفيذها.

          أسباب توجه منصات التواصل الاجتماعي نحو تفعيل الخدمات المالية   

          أصبح التسوق عبر مواقع التواصل الاجتماعي اتجاهًا دوليًا متزايدًا لكونه يتمتع بإمكانات هائلة وفرص نمو كبيرة لقطاع التجارة الإلكترونية، كما ساعدت وسرعت أزمة جائحة كورونا في هذا الأمر، حيث أشارت دراسة عالمية واحدة عن وجود زيادة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بنسبة 61% عن معدلات الاستخدام العادية، مما فرض على مقدمي خدمات الدفع (PSPs) والمؤسسات المالية الأخرى دعم عملائهم بمدفوعات وسائل التواصل الاجتماعي.

             ويحتاج مقدمو خدمات الدفع إلى تقديم نظام أساسي يمكنه بسهولة تضمين طريقة للدفع في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي، بحيث عندما يرى العملاء عنصرًا يعجبهم أثناء التصفح تتاح لهم القدرة على شراءه ودفع ثمنه على الفور دون الحاجة إلى التنقل من صفحات المنتج إلى موقع التاجر على الويب، مما يؤدي حتمًا إلى انخفاض عدد المقبلين على الشراء، ويمكن أيضًا أن تجذب الشركات أعدادًا أكبر من المشترين غير الرسميين والاندفاعيين نحو الشراء، حيث أفاد غالبية المستهلكين بنسبة 58 % والذين تتراوح أعمارهم بين 13 و 37 عامًا أنهم مهتمون بشراء سلع مباشرة من خلال الصفحات الموجودة على وسائل التواصل الاجتماعي، وإضافة إلى ذلك يمكن للمتسوقين مشاركة مشترياتهم على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم مما يمكن أن يعزز مبيعات الشركات في المستقبل.

              ويميل تجار التجزئة الذين يبيعون منتجات ذات جاذبية مرئية قوية إلى النجاح بشكل خاص على وسائل التواصل الاجتماعي ولكن لا يوجد سبب يمنع الجميع، سواء من الخبازين الحرفيين إلى مصنعي الأدوات البسيطة، يتاح النجاح على قنوات التواصل الاجتماعي أيضًا، بغض النظر عن مجال عمل العميل أو خلفيته، ولذا يجب على مزودي خدمات الدفع ضمان أن تكون المدفوعات سلسة وسريعة، حيث يمكن أن تكون الاستفادة من جمهور وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة للجميع.

                ومن الضروري أيضًا توفير خيار لطرق الدفع البديلة، وعلى سبيل المثال تعتبر مدفوعات رمز الاستجابة السريعة والدفع عن طريق الرابط مريحة وجذابة وشائعة لدى المستهلكين الأصغر سنًا، بالإضافة إلى ذلك تعمل المدفوعاتبنقرة واحدةعلى تسريع عملية شراء العملاء، حيث لا يتعين عليهم ملء بياناتهم مرة أخرى عند كل عملية شراء، ولذلك يجب على مزودي خدمات الدفع توسيع طرق الدفع الخاصة بتجار التجزئة في منصات التجارة الإلكترونية، فضلًا عن فائدتها للمتسوقين عبر وسائل التواصل الاجتماعي.