أسواق الطاقة، تلك الأسواق الأشد تغيرًا وإثارة على مستوى العالم، والتي تحظى باهتمام بالغ من أصغر إلى أكبر دول العالم، ويعد ذكر أهمية الطاقة وأسعارها في تحديد العديد من القرارات والتشكيلات السياسية والاقتصادية في العالم ملحوظًا، ويكفي أن ذكر ارتفاع سعر برميل النفط لفترة وجيزة من الزمن يؤثر على الكرة الأرضية، والطاقة وحدها يمكنها أن تشكل تحالفات جديدة وتكتب الفناء لتحالفات أخرى، وطالما كان النفط المصدر الرئيسي والأول للطاقة على مستوى العالم، ومع قرب نضوبه وصعوبة استخراجه في الوقت الحالي، بدأ العالم في البحث عن حلول ومصادر أخرى أكثر أمنًا واستقرارًا 

      ويستهلك العالم الطاقة أكثر من أي وقت مضى، ومع الزيادة المستمرة في أعداد السكان التي وصل إليها كوكب الأرض وبلوغ التعداد السكاني وقت كتابة المقال نحو 8 مليار نسمة، بدأ العالم في التفكير بكل ما أوتي من قوة وعلم لتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة عن طريق ضخ المزيد من الاستثمارات في هذا المجال للوصول إلى ضمان آمن لإمدادات الطاقة للأجيال الحالية والمستقبلية 

          المشهد الحالي لأسواق الطاقة   

          يوصف المشهد الحالي لأسواق الطاقة بالضبابي من قبل العديد من المنظمات والهيئات الاقتصادية، وبدأت الصدمة والضبابية تسود المشهد العالمي لأسعار النفط بداية من أزمة جائحة كوفيد-19 وحالة عدم اليقين التي تركتها في العالم خلال عامي 2020م و2021م مع قرارات تشديد إمدادات النفط وخفض الإنتاج إضافة إلى القرارات الاستثنائية التي اتخذتها منظمة الأوبك لتحقيق الاستقرار والثبات في سوق النفط، نتيجة انخفاض الطلب على النفط بسبب إجراءات الإغلاق الكلي للمصانع، وقوانين العزل المنزلي التي اتخذتها الدول الكبرى مثل الصين وأمريكا في محاولة لكبح جماح فيروس كورونا وحصاره في أقل وقت ممكن، ثم بعد ذلك شهدنا الحرب الروسية الأوكرانية وما سببته من أزمة في أسواق النفط، وجميعها أزمات ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في زيادة أسعار النفط في العالم وخفض معدلات إنتاجه 

              وتراجع إجمالي إنتاج خام النفط في الوقت الحالي، والذي يتحدد إنتاجه وفقًا للمعطيات الاقتصادية ومؤشرات السوق العالمي بواقع 149 ألف برميل يوميًا خلال شهر أكتوبر من عام 2022م مقارنة بالشهر الماضي من العام ذاته، حيث انخفض إجمالي إنتاج المملكة من الخام إلى نحو 10.838 مليون برميل يوميًا خلال شهر أكتوبر من عام 2022م مقابل 10.987 مليون برميل يوميًا في شهر سبتمبر الماضي، لتسجل المملكة بذلك أعلى انخفاض للإنتاج على مستوى الدول الأعضاء بمنظمة الأوبك خلال الشهر الماضي 

                  النفط السعودي   

                  بعد اكتشاف النفط في المملكة في ثلاثينات القرن الماضي في منطقة الدمام، وإنشاء شركةأرامكوفيما بعد والتي استطاعات منذ أواخر أربعينيات القرن العشرين أن تحقق نجاحات متوالية، مما مكن الشركة من ترسيخ قدراتها وتمكينها من تحقيق أرقام قياسية في إنتاج النفط في العالم، واستطاعت السعودية بفضل قدراتها النفطية أن تستحوذ على صادرات النفط العالمية، حيث احتلت السعودية المركز الثاني عالميًا كأكبر دول العالم من حيث احتياطات النفط بحجم احتياطي يصل إلى 267.1 مليار برميل، وبحصة 17.3% من الاحتياطي العالمي النفطي البالغ نحو 1.545 تريليون برميل بنهاية 2021م، أما دولة فنزويلا فقد احتلت المركز الأول بحجم احتياطي بلغ نحو  303.5 مليار برميل، أي ما يمثل 19.6% من احتياطي العالم