ريادة الأعمال، ذلك المصطلح الذي يشغل بال مختلف قطاعات المال والأعمال، والمنظمات سواءً الصناعية أو الخدمية، والذي تولي له المملكة العربية السعودية بالغ الحرص والأهمية وتضعه ضمن خطتها الاستراتيجية ورؤيتها التنموية لـ 2030، لما له من عوائد اقتصادية واجتماعية عدة تنعكس على مختلف المجالات والجهات، ولا تقتصر على الشركات أو المنشآت الصغيرة والمتوسطة فقط بل تمتد لمختلف المنظمات، ولذا تدعم المملكة تلك الريادة والتي نستعرض أبرز ملامحها عبر الآتي.  

      مفهوم ريادة ورواد الأعمال

      يشير مفهوم ريادة الأعمال إلى القدرة والاستعداد لتطوير وتنظيم وإدارة مشروع تجاري أو خدمي في ظل عدم اليقين بعدم نجاحه أو تحقيق الأرباح المرجوة، وتحدد رؤية ريادة الأعمال من خلال الاكتشاف والمخاطرة وهي جزء لا غنى عنه في ظروف السوق العالمي دائم التغير وتحدياته التي تجعله أكثر تنافسية.

          ويُعرف رائد الأعمال بأنه شخص لديه القدرة والرغبة في تأسيس وإدارة مشروع جديد وتحقيق النجاح وتحويل المخاطرة التي تحيط بالمشروع إلى أرباح، وعادةً ما يمتاز رواد الأعمال بتطبيق وتبني الأفكار والحلول الجديدة والمبتكرة التي تطرح منتجات وخدمات لأول مرة أو تستبدل وتطور الأفكار القديمة من خلال طرح منتج أو خدمة مبتكرة. 

              معلومات وإحصاءات عن ريادة الأعمال في المملكة

              تنعكس مظاهر الاهتمام بدعم ريادة الأعمال سواءً في المنشآت أو رواد الأعمال أنفسهم بالمملكة في السعي نحو تذليل العقبات وسن التشريعات التي تدعم تنفيذ مشروعاتهم وخدماتهم بسهولة دون أي عوائق، مما ساهم في تقدم تصنيف المملكة في عدد من المؤشرات العالمية لريادة الأعمال، أبرزها تصدر المملكة المرتبة الأولى عالميًا في 4 مؤشرات فرعية في مؤشر المرصد العالمي لريادة الأعمال لعام 2021م، وهي توفر الفرص الجيدة لبدء عمل تجاري، وسهولة بدء عمل تجاري، واستجابة رواد الأعمال للجائحة، واستجابة حكومة المملكة للجائحة، والتي شملت 45 دولة.

                  وتقدم ترتيب المملكة في 6 مؤشرات أخرى، أبرزها مؤشري امتلاك المهارات والمعرفة لدى الأفراد، ومؤشر البنية التحتية، واللذان حلت بهم المملكة في المرتبة الثانية، وتصنف بهم الدولة بناء على يسر وسهولة الوصول والحصول على الخدمات والمرافق، وجاءت المملكة في المرتبة الثالثة في مؤشري سهولة الحصول على تمويل الشركات ورواد الأعمال، وسهولة الدخول وديناميكيات السوق، المختصان برصد مدى توفر أسواق حرة ومفتوحة على نطاق 42 دولة، كما حققت المملكة المرتبة الرابعة عالميًا في مؤشري دعم الحكومة للأعمال، وقلة العوائق وسهولة سبل دخول الأسواق بين 45 دولة.

                      وكشف تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال لعام 2021-2022م، تصدر مكة المكرمة بنسبة 38.3% في معدلات مناطق ريادة الأعمال الأعلى في المملكة، وتبعتها جدة بنسبة 20% ثم الرياض بنسبة 17.5%، والمدينة بنسبة 17.4%، والدمام بنسبة 13.9%، كما أشار التقرير إلى أن 82.8% من رواد الأعمال السعوديين كانت دوافعهم لهذا التوجه هي كسب المال والحصول على وظيفة، و78.6% كان هدفهم جمع ثورة هائلة أو دخل مرتفع للغاية، واختار 65.5% ريادة الأعمال من أجل مواصلة التقاليد العائلية، و63.4% سعيًا لتحقيق تغيير ملموس في العالم.

                        وعلى الرغم من تداعيات جائحة كوفيد-19 التي خلفت الكثير من التأثيرات السلبية على مختلف القطاعات، رأى 50% من رواد الأعمال في المملكة العربية السعودية أن الجائحة أتاحت فرصًا جديدة يمكن الاستفادة منها خلال عام 2021م، واتفق مع ذلك نحو 30% من أصحاب الأعمال القائمة، كما توجه نحو 87% من رواد الأعمال و90% من أصحاب الأعمال القائمة إلى بدء أو إدارة أعمال تستهدف المستهلك خلال العام ذاته، وهي ما تعد أعلى نسبة لنشاط الأعمال الموجهة نحو المستهلك في البلدان مرتفعة الدخل.

                        وتوقع 51% من رواد الأعمال و 60% من أصحاب الأعمال القائمة في المملكة أن يشهد خلق الفرص الوظيفية إتاحة أكثر من 5 وظائف جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة، إضافة إلى نمو وزيادة التوظيف بنسبة 50% مما يوفر أكثر من 10 وظائف إضافية وفق توقعات نحو 16% من رواد الأعمال و7.4% من أصحاب الأعمال القائمة، مما يضع سوق ريادة الأعمال في منتصف الاقتصادات مرتفعة الدخل.

                          جهود المملكة لدعم ريادة الأعمال

                          تدعم المملكة ريادة الأعمال بشكل ملحوظ ومتصاعد من خلال عدد من المبادرات والمؤسسات ومنها كلية الأمير محمد بن سلمان للإدارة وريادة الأعمال التي تأسست لتتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030 في إنشاء وتطوير منظومة بيئية لريادة الأعمال داخل المملكة والتنمية الفكرية لجميع المواطنين السعوديين وإعداد القادة الرياديين، إضافة إلى معهد ريادة الأعمال الوطني “ريادة” الذي أسسته وزارة الطاقة والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني كتنظيم وطني مؤسسي مستقل غير ربحي لدعم ريادة ورواد الأعمال، وذلك من خلال مساعدة الراغبين في بدء الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتزويدهم بالتدريب والتأهيل وتقديم الاستشارات والإرشاد واحتضان المشاريع، ودعمهم في الحصول على الترخيص والتمويل وتسهيل الإجراءات الحكومية بواسطة نخبة من المتخصصين عبر تطبيق أفضل الأنظمة والإجراءات.

                              ويعمل معهد “ريادة” على برامج داعمة متعددة أبرزها برنامج إرادة والذي يضم مسار “ناشئ” المختص بدعم المشاريع الصغيرة والناشئة التي لا يتجاوز سقف تمويلها 300 ألف ريال سعودي، ومسار “خريجين” الداعم لحملة الشهادة الجامعية والدبلوم في المجال بسقف تمويل لا يتعدى 500 ألف ريال سعودي، بجانب برنامج التوطين والذي يوفر حزمة من الخدمات المالية وغير المالية لتمكين المواطنين من دخول سوق العمل والمساهمة في توطين بعض الأنشطة التجارية، وبرنامج لعربات البيع المتنقلة الذي يتم بشراكة بين المعهد وبنك التنمية الاجتماعية بهدف ترخيص العربات المتنقلة للمواطنين والسماح بالعمل الحر، إضافة إلى ورش العمل والدورات التدريبية والشراكة مع وزارة التعليم في مبادرة (ريادي) التي تؤهل لمهارات سوق العمل وتنمي ثقافة ريادة الأعمال لدى الطلاب.