تواجه المنظمات تحديات كبرى للحفاظ على المستهلكين خلال موجات وفترات الاضطراب والأزمات، وإذا كان كسب العملاء يتطلب جهدًا كبيرًا من القائمين على المنظمات، فإن الحفاظ عليهم يتطلب حرصًا أكبر، وإن كانت برامج الولاء وكسب ثقة العملاء تساهم في ذلك إلا أنها لا تكفي لضمان استمرار رضا المستهلكين خلال الأزمات، ومنها على سبيل المثال جائحة كوفيد-19 وما خلفته من تداعيات أضرت بسلاسل الإمداد والتوريد وتوفير العديد من المنتجات، والتي ربما تفهم المستهلكون تأثيراتها؛ لكن استمرار تحملها بات أمرًا غير مضمونٍ، ولذا نستعرض كيفية تعامل المستهلكين مع تلك الفترات عبر الآتي.

      ورصد استطلاع أجرته Global Consumer Insights Pulse والذي شمل 9069 مستهلكًا في 25 منطقة ونشرته PwC عددًا من التأثيرات على سلوكيات المستهلكين خلال تلك الفترات، وتضمن العوائق المماثلة للتسوق سواء عبر الإنترنت أو من المتاجر التقليدية، وتأثير سلاسل التوريد بشكل مباشر على سلوك المستهلك، واستخدام التقنيات الجديدة والواقع الافتراضي (VR) في شراء المنتجات، إضافة إلى تأثيرات الحوكمة والعوامل البيئية والاجتماعية.

          وتأثر عدد من المستهلكين بعدد من المشكلات خلال عملية التسوق خاصة في متاجر البقالة، ومنها على سبيل المثال عدم توفر المنتجات وقوائم الانتظار الطويلة في المتجر وطول فترات تسليم الطلبات المشتراة من المتاجر عبر الإنترنت، ورصد الاستطلاع ارتفاع أسعار البقالة بنسبة 57% في المتاجر التقليدية و54% في التسوق عبر الإنترنت في المملكة العربية السعودية مقارنة بنسبة 65% في المتاجر التقليدية و56% في التسوق عبر الإنترنت عالميًا.

              وكشف الاستطلاع معاناة نحو 30% من عدم القدرة على شراء بعض المنتجات بسبب نفاذ المخزون من المتاجر التقليدية و38% خلال التسوق عبر الإنترنت في المملكة نظير 37% من المتاجر التقليدية و38% خلال التسوق عبر الإنترنت عالميًا، وتأثر نحو 28% من المستهلكين في المملكة بطول فترة تسليم المنتج واستغراق وقتٍ أطول مما سبق منذ وقت الشراء خلال تعاملاتهم مع المتاجر التقليدية وقرابة 41% خلال التسوق عبر الإنترنت، بينما تأثر عالميًا نحو 20% من المتعاملين مع المتاجر التقليدية و42% من المتسوقين عبر الإنترنت.

                  وتسبب تأثر سلاسل التوريد ببعض التغيرات في سلوك المستهلكين، حيث اتجه نحو 37% منهم لاستخدام المزيد من المواقع للبحث عن توافر المنتجات في المملكة مقابل 40% من المستهلكين عالميًا، ولجأ 37% من المستهلكين إلى شراء المنتجات عبر الإنترنت في المملكة مقابل نفس النسبة عالميًا، واحتاج 33% من سكان السعودية للتسوق لدى العديد من بائعي التجزئة المختلفين لتلبية احتياجاتهم نظير 37% عالميًا، وتحول نحو 28% من المستهلكين بالمملكة إلى الشراء من المتاجر التقليدية مقابل 29% عالميًا، واضطر 29% من المستهلكين سعوديًا وعالميًا إلى تغيير متجر البيع بالتجزئة أو منفذ التسوق الذي عادة ما يتسوقون فيه من أجل الحصول على بعض المنتجات غير المتوفرة.

                      ولم تغيب التقنية عن التأثير في سلوكيات المستهلكين خلال فترات أو موجات الاضطراب، حيث لجأ ما يقرب من 25% من المستهلكين عالميًا إلى شراء المنتجات المادية والسلع الفاخرة عبر منصات البيع المدعومة بالواقع الافتراضي (VR)، واستخدم 80% من المستهلكين خلال تسوقهم 3 قنوات للشراء على الأقل من بينها الواقع الافتراضي، والذي استخدمه بعضهم أيضًا في تسوق منتجات التجزئة والسلع الكمالية، كما لجأ لتلك التقنية 32% من إجمالي المستهلكين خلال الأشهر الستة الماضية، وفضل 32% من المستهلكين شراء منتجات كتجربة للتسوق من المتاجر عبر تقنية الواقع الافتراضي، واشترى 31% منتجات رقمية ورموز غير قابلة للاستبدال (NFTS) مثل الصور الرمزية والفنون الرقمية. 

                          وكشف الاستطلاع عن استمرار تأثير العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) على سلوكيات التسوق لدى قرابة النصف من المستهلكين، وتؤثر العوامل الاجتماعية والحوكمة مثل الالتزام بحقوق الإنسان والتنوع والشفافية في ممارسات الأعمال بقرارات الشراء بنسبة أكبر من العوامل البيئية، وسجلت المعدلات التي تضمنها الاستطلاع تأثير العوامل البيئية بنسبة 35% سعوديًا و30% عالميًا على سلوك المستهلكين، والتي تشمل استخدام المواد المعاد تدويرها أو تقليل النفايات البلاستيكية في منتجاتها والحد من الانبعاثات الكربونية.

                              وتؤثر العوامل الاجتماعية بنسبة 45% سعوديًا و40% عالميًا في سلوك المستهلكين، والتي تتضمن دعم حقوق الإنسان والتنوع وإدماج العمال والموظفين والمجتمعات المحلية، وتستحوذ عوامل الحوكمة على نسبة 45% سعوديًا و41% عالميًا من التأثير على سلوك المستهلكين، والتي تضم الشفافية والأخلاق والامتثال للوائح، إضافة إلى إدارة بيانات العملاء والخصوصية بشكل مناسب، وبوجه عام تتباين تفضيلات المستهلكين حسب الظروف والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ولذلك تتأثر سلوكياتهم الشرائية مع الاضطرابات التي قد تمنعهم من استخدام سلع أو منتجات وخدمات يفضلونها في فترات الاستقرار نتيجة لتلك الموجات.