يتأرجح سوق العملات الرقمية المشفرة بأكمله من اتجاه إلى أخر، خاصة بعد تداعيات أزمة منصة FTX الشهيرة في عام 2022م، والتي أدت إلى ارتفاع مستويات عدم الثقة والشك بين المستثمرين تجاه مؤسسات التشفير المركزية، ويذكر أن منصة FTX تعد إحدى أكبر بورصات العملات المشفرة العالمية والتي كانت على مقربة من صفقة استحواذ كبرى من منصة Bianance ولكن سرعان ما تراجعت المنصة عن تلك الصفقة، وأدت هذه التحولات المفاجئة للأحداث إلى حالة شبيهة بالاضطراب في صناعة العملات المشفرة.

      والتي على أثرها تراجعت الثقة في هذه العملات وتحول السوق تمامًا إلى حالة الهبوط المستمر، حيث انخفض سوق العملات المشفرة بنسبة 7% إلى ما دون 1 تريليون دولار في 10 يونيو من العام الجاري، وتشمل تلك الانخفاضات انخفاض عملة “البتكوين”، العملة المشفرة الرائدة من حيث القيمة السوقية، بنسبة 3.75%  إلى حوالي 25,500 دولار، إضافة إلى انخفاض ثاني أكبر عملة مشفرة “الإيثريوم”  بنسبة 6.9% إلى حوالي 1,700 دولار، وبذلك تسجل أسوأ مستوى لها في شهرين.

        ومع ذلك أظهرت بداية عام 2023م انفتاحًا وانفراجًا جديدًا لسوق العملات الرقمية المشفرة الرئيسية بما في ذلك عملات مثل “البتكوين” و”الإيثريوم”، حيث بدأت مؤشرات سوق العملات الرقمية المشفرة بالتحول تدريجياً إلى اللون الأخضر بسبب حالة الاقتصاد الكلي في ذلك الوقت.

          الأسباب المحتملة لانخفاض سوق العملات المشفرة

          طبقًا للكثير من المحللين يحرك عملة “البيتكوين” رأسًا على عقب موقف وقرارات  الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن رفع أسعار الفائدة، حيث أشارت الدراسات إلى أن سعر عملة “البيتكوين” يتفاعل مع التقلبات المتزايدة قبل وبعد إعلان بيانات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة حول أسعار الفائدة، وقارنت الدراسة لتلك الفرضية رد فعل سعر عملة “البيتكوين” في الأطر الزمنية البالغة 30 دقيقة وساعة واحدة برد فعل العملات الورقية مثل الين واليورو والدولار الأمريكي والجنيه الإسترليني خلال أحداث أخبار الاقتصاد الكلي التي تعتبر ذات تأثير كبير.

            وعلى الرغم من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي أشار إلى أن عملة “البيتكوين” لا تستجيب للتغيرات النقدية والاقتصاد الكلي إلا أنه لاحظ أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسة لفهم الانفصال التام بين عملة “البيتكوين” وجوانب الاقتصاد الكلي.

              توقعات مستقبلية

              يعتقد خبراء أسواق العملات المشفرة أن الوضع الحالي صعب وأن الطريق إلى التعافي يحتاج وقتًا طويلًا، نظرًا إلى أن معظم العملات لا تزال متأخرة كثيرًا عن أعلى مستوياتها على الإطلاق، مثل عملة “البتكوين” التي لا تزال منخفضة بنسبة 50% عن أعلى مستوى لها على الإطلاق والذي لامسته العملة في نوفمبر من عام 2021م عند 69,000 دولار، وبالمثل عملة “الإيثريوم” التي يتم تداولها الآن عند مستويات تقارب الـ 1,900 دولار، بالرغم أنها سابقًا كانت تتداول عند مستويات الـ 4,000 دولار وذلك أيضًا خلال عام 2021م.

                وعلى النقيض يرى الكثيرون أن سوق العملات المشفرة قد استجاب حتى الآن بشكل إيجابي خلال التقلبات المالية العالمية وتمكن من البقاء قويًا وسط تشديد شروط الائتمان وتقلبات سوق السندات المتتابعة، ولكن نظرًا لأن العملات المشفرة لا يمكن أن تبحر منفردة في هذا القارب، فإن على جميع الأصول المالية الأخرى أن تتبع نفس النهج حتى يكون المشهد المالي الحالي أكثر استقرارًا.