“حوكمة الشركات” مصطلح كثيرًا ما نسمعه بين أوساط الشركات والمنظمات وتتضمنه خططها الرامية إلى تنفيذ المهام وتحقيق الأهداف، مما يدفع إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق ضوابط تلك الحوكمة بشكل موسع داخل المنظمة، والذي يضمن الاستغلال الأمثل لموارد المنظمة فيما يحقق مصالح الملاك أو المساهمين دون إساءة استخدام السلطة الإدارية من قبل مجالس الإدارة خاصة في الشركات والمنظمات المدرجة في البورصة.
وهنا تكمن أهمية تطبيق الحوكمة خاصة لدى شركات المساهمة المغلقة إذا ما رغبت في القيد في سوق الأوراق المالية، حيث يعد تطبيق مبادئ الحوكمة بشكل صحيح ومتكامل أحد أبرز الخطوات اللازمة لتأهيل المنظمات نحو الطرح العام أو القيد في البورصة.
مفهوم الحوكمة
يشتق مفهوم الحوكمة (Governance) من الحكم أو الحكومة في التعريفات اللغوية، والتي تصف الحوكمة بأنها عملية التنظيم أو التحكم في أداء المهام في الشركات والمنظمات والدول، وتهدف إلى تحديد وضبط تنفيذ المعاملات الخاصة بتأدية العمل بما يضمن إتمامها بكفاءة، وتعرف هيئة السوق المالية السعودية والهيئات المالية والأدلة الأخرى حوكمة الشركات بأنها الضوابط والقواعد التي تدار من خلالها المنظمة وتشمل آليات التعاملات وتنظيم العلاقات المختلفة بين مجلس الإدارة والمديريــن التنفيذييــن والمســاهمين وأصحاب المصالــح، وتحدد تلك الآليات والإجراءات سبل اتخاذ القرارات بما يضمن حماية حقوق مختلف الأطراف ويحقق الشفافية في السوق وبيئة الأعمال.
وتعرف حوكمة الشركات وفقًا لجمعية إدارة المشاريع PMI بأنها إطار السلطة والمساءلة الذي يتحكم ويحدد المخرجات والنتائج والفوائد من المشاريع والبرامج، حيث تضبط الحوكمة حدود تفويض السلطات والمهام الإدارية وتحدد أدوار ومسؤوليات الفريق، كما تخلق شعور بالثقة وحسن الإدارة بين المستثمرين أو المساهمين ومجالس الإدارة ويعزز ذلك ما ترصده تقارير مراقبة الأداء الصادرة عادة عن المنظمات التي تعتمد رؤية للحوكمة داخلها وتطبقها بصورة جيدة.
مزايا حوكمة الشركات
تحقق حوكمة الشركات عدد من المزايا للعديد من الأطراف، حيث تساهم في تحسين مستوى الاقتصاد واستقرار الأسواق المالية وجذب الاستثمارات، وتساعد الشركات والمنظمات في الحصول على التمويلات اللازمة للنمو والتوسعات، كما تحمي استثمارات المساهمين من سوء الإدارة والقرارات غير المدروسة التي قد تقود إلى الإضرار بمصالح المستثمرين.
سبل تطبيق حوكمة الشركات
يحتاج تطبيق الحوكمة بشكل فعال في المنظمات والشركات إلى بعض المبادئ مثل منح مجلس الإدارة الحق في الإدارة على المدى الطويل، ووضع ضوابط لضمان اختيار أفضل العناصر المنظمة إلى مجلس الإدارة، وتحديد نسبة المساهمين وقوتهم التصويتية على القرارات وفقًا لحصتهم في الشركة أو المنظمة.
وهناك 8 مبادئ توجيهية رئيسية تساهم في تطبيق حوكمة الشركات هي:
1- موافقة وعمل مجلس الإدارة على اختيار رئيس تنفيذي (CEO) واعتماد استراتيجيات هادفة إلى خلق قيمة مستدامة طويلة الأجل للشركة، إضافة إلى متابعة أداء الرئيس والإدارة العليا في تنفيذ المهام المطلوبة، والتي تعد من أهمها تخصيص رأس المال للنمو طويل الأجل وتقييم وإدارة المخاطر.
2- العمل على تطوير الإدارة وتنفيذ استراتيجية الشركة تحت إشراف مجلس الإدارة بهدف خلق قيمة مستدامة على المدى الطويل.
3- الكشف عن المعلومات الخاصة بتقييم السلامة المالية والتجارية للشركة ومخاطرها بشكل دوري من خلال إعداد القوائم المالية التي تستعرض الوضع المالي للشركة ونتائج عملياتها وعرضها على المستثمرين والمساهمين تحت إشراف مجلس الإدارة ولجنة التدقيق التابعة.
4- إشراف لجنة التدقيق التابعة لمجلس الإدارة بالتعاون مع المدقق الخارجي على تدقيق البيانات المالية السنوية للشركة ووضع الضوابط الداخلية على التقارير المالية، إضافة إلى متابعة المخاطر التي قد تتعرض لها الشركة.
5- تولي لجنة الترشيح أو تطبيق الحوكمة للمنظمة المنبثقة عن مجلس الإدارة وضع أطر حوكمة الشركة وتشكيل مجلس الإدارة بما يضمن التنوع في الخبرات وتلبية أهداف الشركة في ضوء الاحتياجات واستراتيجية الشركة.
6- تحديد لجنة المكافآت التابعة لمجلس الإدارة حزم المكافآت للمدير التنفيذي والإدارة العليا بما يخلق قيم محفزة طويلة الأجل في إطار تطوير ثقافة تعويضات التنفيذيين، كما تضع سياسة التعويض على أساس الأداء.
7- الاهتمام بالرؤى والقضايا التي تهم المساهمين على نطاق كبير من خلال خلق قنوات تواصل بينهم وبين مجلس وطاقم الإدارة خاصة في الأمور التي تؤثر على قيمة وتطور الشركة في المستقبل، بجانب العمل على تشجيع المساهمين نحو الكشف عن معلومات التعريف المناسبة، وإدراك الاستخدامات القصيرة والطويلة الأجل لرأس المال عند تخصيصه بما يضمن حصولهم على أكبر عائد.
8- وضع مجلس الإدارة لمصالح جميع الفئات المستهدفة والمتعاملة مع الشركة في الاعتبار عند اتخاذ القرارات، بما يشمل أصحاب المصلحة مثل الموظفين والعملاء والموردين والمجتمع الذي تقدم الشركة له خدماتها ومنتجاتها، مما يعزز ويخلق قيمة لفكرة وتطبيق مصطلح الحوكمة.