التنافسية، تلك الكلمة التي كثيرًا ما تتردد في البيانات الرسمية للوزارات والحكومات في دول العالم، والتي أصبحنا نسمعها أكثر في منطقتنا العربية وخاصة في المملكة العربية السعودية على مدى العقد الأخير، فالمنافسة تعني في المعجم التسابق ومباراة من حولك دون إلحاق الضرر به، ولكن عندما نسمع كلمة منافسة على المستوى الدولي في وقتنا الحالي، يأتي في ذهننا مباشرة أرقام وإحصائيات، ترتيب دول وتقارير، وهي ما تترجم لاحقًا إلى قوة اقتصادية وسيطرة إقليمية وتميز وريادة عالمية، ولذا نستعرض عبر الآتي لمحة عن موقع المملكة في تقرير التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي WEF.
واستطاعت المملكة تحقيق المركز الـ 24 عالميًا في مؤشر التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2022م بإجمالي نقاط بلغ نحو 76.82، متقدمة عن مؤشر العام السابق بنحو 8 مراكز، ومسجلة ثاني أفضل تقدم بين الدول محل الدراسة في المؤشر، كما جاءت في المرتبة الـ 7 من بين دول مجموعة العشرين G20، متفوقة بذلك على دول ذات اقتصادات متقدمة في العالم مثل كوريا الجنوبية، وفرنسا، واليابان، واحتلت المملكة في بعض المحاور الفرعية مراكز متقدمة، أبرزها مؤشرات التكيف مع السياسة الحكومية، والتحول الرقمي في الشركات، ونمو القوى العاملة على المدى البعيد، وإدارة المالية العامة، والدين العام الحكومي، وسياسات البطالة، والتماسك الاجتماعي، والرسملة السوقية للأسهم، وتوافر رأس المال الجريء، وإنتاج الطاقة المحلية، وتكلفة الكهرباء الصناعية، والأمن السيبراني في الشركات، والمصروفات الحكومية لقطاع التعليم، والفكر الريادي للمديرين في الشركات، وأنشطة ريادة الأعمال المبكرة، والثقافة الوطنية، وقد حققت المملكة المركز الـ 6 في مؤشر القيم والسلوكيات الخاصة بقطاع الأعمال.
وتحسن ترتيب المملكة في جميع المحاور الأربعة الرئيسية التي يقيسها التقرير، وهي محور الأداء الاقتصادي وتقدمت فيه المملكة من المرتبة الـ 48 إلى المرتبة الـ 31، ومحور كفاءة الحكومة وتقدمت فيه من المرتبة الـ 24 إلى المرتبة الـ 19، ومحور كفاءة الأعمال الذي تقدمت فيه من المرتبة الـ 26 إلى المرتبة الـ 16، ومحور البنية التحتية الذي تقدمت فيه من المرتبة الـ 36 إلى المرتبة الـ 34.
المركز الوطني للتنافسية
تأسس المركز الوطني للتنافسية بقرار مجلس الوزراء في عام 2019م، بهدف تطوير البيئة التنافسية في المملكة العربية السعودية وتحسينها، والارتقاء بترتيبها في المؤشرات والتقارير العالمية ذات العلاقة، وذلك في إطار تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 المتعلقة برفع تنافسيتها إقليميًا وعالميًا، والمتمثلة بالانتقال إلى أحد المراكز الـ 10 الأولى في تقرير التنافسية العالمي، ويركز المركز على متابعة 4 تقارير تختص بالتنافسية العالمية، وتم اختيار هذه المؤشرات لأنها ذات نطاق واسع وتغطي محاور التنافسية بشكل كامل (بيئة تشريعية، آمنة، بنية تحتية، سوق العمل، الإنفاق الحكومي، رأس المال البشري)، ويتم الاعتماد على التقارير الدولية بهدف رصد وتحليل واستعراض أداء الدول التنافسي في إطار استراتيجيتها، وهو ما يظهر الجهود التي تقوم بها الحكومات والمؤسسات المعنية بتطوير وتحسين تلك المؤشرات لتكون وفقًا للمعايير الدولية مما يساهم في رفع قدرة الدولة وتنافسيتها الخارجية ومكانتها عالميًا.
ويقوم المركز الوطني للتنافسية بدراسة وتحليل ومتابعة التقارير العالمية المعتبرة، ومراقبة أداء المملكة في مؤشرات تلك التقارير من خلال العمل على رصد وتحليل المؤشرات والتقارير العالمية المتعلقة بالتنافسية ومقارنة أداء المملكة بالدول الرائدة، إضافة إلى حصر أهم المؤشرات والتقارير التخصصية في مختلف المجالات، وإحالتها للجهات الحكومية المعنية، واقتراح التوصيات المناسبة لتنفيذها.
وحقق المركز العديد من النجاحات بإطلاق مبادرات تستهدف تحسين مؤشرات المملكة التنافسية ومنها على سبيل المثال، الإصلاحات التشريعية والتنظيمية في المملكة وذلك عن طريق السماح بملكية أجنبية كاملة بنسبة 100% في أغلب القطاعات، ومنها الصحة والهندسة وتجارة الجملة والتجزئة، والمعادن والتعليم، عوضًا عن الإصلاحات المرتبطة بتحسين بيئة الأعمال من خلال فسح الحاويات في الموانئ السعودية خلال 24 ساعة من خلال النافذة الإلكترونية الموحدة “فسح“، والترخيص للأنشطة التجارية بالعمل على مدار الـ 24 ساعة، إضافة إلى الإصلاحات المرتبطة بتسهيل الإجراءات وأتمتتها في المملكة، وذلك من خلال تخفيض عدد المواد الكيميائية المقيدة من 131 إلى 35 مادة بنسبة 73% لتسهيل إجراءات الاستيراد، وتطبيق نظام الغرامات على مقدمي الخدمة الكهربائية، كما ركزت المملكة على تعزيز مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية من خلال توحيد إجراءات الحصول على جواز السفر، والسماح للمرأة بالسفر دون قيود، وعدم تمييز بين الجنسين في الحصول على خدمات تمويلية.