اشتركت مسببات الأزمات حول العالم في تدهور الأوضاع الاقتصادية وانخفاض مستوى دخل الأفراد، لكن البعض يخلط بين مفهومي الأزمات الاقتصادية والأزمات المالية، بافتراض كونهما شيء واحد، رغم أن هناك اختلاف في أسباب وتأثيرات كلًا منهما.

    مفهوم الأزمات الاقتصادية 

    تعرف الأزمات الاقتصادية بحالة التدهور الكامل لمختلف القطاعات الاقتصادية في الدولة بشكل مفاجئ، مما ينتج عنها حالة من عدم التوازن في العناصر الاقتصادية الأساسية كالعرض والطلب، والأسعار والمنافسة، كما يشير البعض إلى أنّها حالة من الانخفاض المستمر في قيمة الأصول بشكل غير مسبوق أو مخطط، وتكون الأصول إما أصول ثابتة أو متداولة، ملموسة أو غير ملموسة.

    مفهوم الأزمات المالية 

    يشير مصطلح الأزمة المالية إلى المشاكل والاضطرابات التي تصيب القطاع المالي للدولة وما يشمله من مؤسسات مصرفية ومالية مختلفة مما يعني وجود أزمة مالية، ونستنتج من التعريف السابق أن الأزمات الاقتصادية قد يسبقها أزمة مالية، والتي تؤدي في كثير من الأحيان إلى حالات الركود الاقتصادي، وذلك في حالة اتخاذ البنوك المركزية قرارات سيئة بشأن ضوابط الفائدة والإقراض، وحال مواجهة القطاع المالي لبعض الصدمات الخارجية الأخرى التي تسبب خسائر على مستوى الصناعة وفقدان قيمة الأسهم، وتسمى تلك الحالة بالأزمة المالية.

      أبرز الأزمات الاقتصادية والمالية المعاصرة   

        1-  الركود العظيم 1929

        هزت أزمة انهيار سوق الأسهم الأمريكي مختلف دول العالم، حيث قلت مستويات التجارة بين الدول، وتدهورت الصناعات المعدنية، وانخفضت أسعار المحاصيل الزراعية، مما أدى إلى انتشار البطالة وانخفاض مستويات الدخل، ووصفت كارثة الركود العظيم بالكارثة الأعظم في القرن العشرين، ودفعت تلك الكارثة العالم نحو الاهتمام بأحد الجوانب الاقتصادية التي كانت مهملة من قبل وهو الاقتصاد الكلي، حيث كان تركيز الدراسات والأبحاث على جانب واحد وهو الاقتصاد الجزئي، بجانب ظهور النظرية الكينزية واتباعها من المفكرين بعد أن كانت النظرية الكلاسيكية هي السائدة في ذلك الوقت، وعانى الاقتصاد العالمي في تلك الفترة من تداعيات سلبية عدة، حيث وصل إجمالي مستوى البطالة من القوى العاملة الأمريكية إلى نحو 25% مع انخفاض مستوى الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 15%، واستمرت تلك الأزمة لمدة 10 سنوات.

         

        2- الأزمة المالية 2008م 

        عصفت الأزمة العالمية بالاقتصاد العالمي منذ بداية 2007م ولكن اشتدت آثارها السلبية عام 2008م، منذ الكساد الكبير (انهيار بورصة وول ستريت) عام 1929م، وتكمن أسباب اندلاع  أزمة 2008م بسبب كثرة الديون المتعلقة بالرهن العقاري، وانخفاض سيولة البنوك نتيجة استمرار البنوك في منح القروض العقارية بصورة موسعة بغض النظر عن الموقف المالي أو الائتماني لدى الأفراد، والتساهل في المطالبة بالضمانات للجهة المانحة للقروض سواء كانت بنوك ومؤسسات مالية اقراضية، ومع الانخفاض الكبير الذي حدث في العقارات خلال تلك الفترة اشتدت الأزمة مع تعثر المقترضين عن سداد الديون والتزاماتهم المالية، كما ساعد في تفشي الأزمة تطبيق طريقة التوريق لسندات الرهون العقارية في شراء العقارات، وتداولها بالأسواق المالية.

         

        3- أزمة الحرب الروسية الأوكرانية وتبعات فيروس كورونا 

        منذ إعلان الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” بدء “عملية عسكرية” في أوكرانيا فبراير الماضي، والتي تلتها سيل من العقوبات الاقتصادية على روسيا، شهد العالم حالة ترقب لما سيلحق بالاقتصاد العالمي من ضرر وطبقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي أن الصراع الروسي الأوكراني يمثل ضربة قوية للاقتصاد العالمي ستضر بمعدلات النمو ومستوى الأسعار، خاصة في السلع الأولية كالغذاء والطاقة في وقت مازال الاقتصاد العالمي يئن من تبعات جائحة كورونا، وتعد الحرب الروسية الأوكرانية واحدة من أبرز الأسباب التي سببت الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها العالم في الوقت الحالي، بجانب اضطرابات سلاسل التوريد الناجمة عن جائحة كورونا.