يشهد سوق العمل العالمي في الوقت الحالي معركة على المواهب، وذلك في وقت مثلت فيه حلول الذكاء الاصطناعي حلًا وخيارًا جيدًا لسد بعض النواقص في سوق العمل، إلا أن  العنصر البشري الماهر ما زال يمثل العنصر الأساسي والأكثر قيمة في سوق العمل، لذلك يصعب العثور على المواهب المناسبة خاصة في ظل التطورات السريعة في سوق العمل ومتطلباته، وتلجأ المنظمات إلى تقديم تعويضات ومزايا مالية لجذب المواهب، وهي تعتبر إحدى الاستراتيجيات، ومع ذلك، الاستراتيجية الأكثر فعالية هي تنمية المواهب داخل المنظمة بشكل شامل، بدءًا من الموظفين الجدد وصولاً إلى القادة، لذلك نناقش في هذا المقال دور القيادات التنفيذية داخل المنظمات في تنمية المواهب.

      لما نحتاج إلى تنمية المواهب؟

      يشير مصطلح تطوير المهارات إلى عملية رعاية وتعزيز مهارات وقدرات وإمكانات الموظفين، ويتضمن ذلك تزويدهم بالفرص والمهارات والتوجيه اللازم لتحقيق إمكاناتهم الكاملة في العمل، إلا أن تنمية المهارات ليست مجرد رغبة من قبل الموظفين، بل هي أيضًا ضرورة تثري المؤسسات وتمكنها من الابتعاد عن الاعتماد الكبير على البحث عن مواهب خارجية أو اللجوء إلى جهات خارجية للعثور على أفراد ذوي المهارات المناسبة.

        فمن خلال تنمية المواهب في المنظمات، يتاح للموظفين الفرصة لاكتساب مهارات جديدة تتناسب مع متطلبات سوق العمل المتغير، ويتجاوز هذا الاعتراف بالمهارات الطبيعية للأفراد، والتي لا تزال ذات أهمية لا يمكن إنكارها، وذلك يعظم دور المنظمات التي لديها إستراتيجية واضحة لتنمية المواهب، والتي بدورها تساعدها في نقل الأمور إلى المستوى التالي وإنشاء مسار منظم يساعد الموظفين على التقدم في حياتهم المهنية من خلال التوسع في اكتسابهم المهارات والقدرات الجديدة.

          دور القادة في تنمية المواهب

          تشير دراسة أجرتها وحدة أبحاث مجلة “الإيكونوميست” البريطانية إلى أن الرؤساء التنفيذيين يتحملون مسؤولية أكبر في إدارة المواهب داخل المنظمة بشكل أكبر من أي وقت مضى، حيث كان الأمر في الماضي من مسؤوليات إدارات الموارد البشرية للقيام بهذا الدور، ولكن أظهرت الدراسة المنشورة، التي اعتمدت على بيانات تم جمعها من قادة أبرز 20 منظمة من مختلف أنحاء العالم، أن هناك بعض الأساليب التي يستخدمها الرؤساء التنفيذيين للعثور على مواهبهم وتطويرها واستبدال بعضها.

          ومع زيادة اهتمام الرؤساء التنفيذيين بالمواهب التنظيمية بشكل أكبر، تحول ميزان المسؤولية فيما يتعلق بالتخطيط والإشراف على أنشطة إدارة المواهب تدريجيًا بعيدًا عن الموارد البشرية، حيث يظهر تقرير الصادر عن شركة Accenture أن الرؤساء التنفيذيين يصنفون إدارة المواهب على أنها أولويتهم القصوى، حيث يرى الكثير من الرؤساء التنفيذيين أنها المحرك الرئيسي لنجاح المنظمات. ونتيجة لذلك، يقضي العديد من الرؤساء التنفيذيين نسبة كبيرة تبلغ 20% أو أكثر من وقتهم في أنشطة إدارة المواهب وتطوير الاستراتيجيات المرتبطة في اكتشاف المواهب القيادية المستقبلية.