يتعرض النظام الاقتصادي العالمي للعديد من التطورات خاصة بعد الثورة الصناعية التي حدثت في أوروبا إضافة إلى الزيادة السكانية، وكان لبريطانيا نصيب الأسد من الاختراعات والابتكارات التي غيرت شكل الصناعة والتجارة في تلك الفترة، مما مكنها من السيطرة الاقتصادية والعسكرية على معظم دول العالم تقريبًا لفترة كبيرة من الزمن، ومثلت الثورة الصناعية نقطة فارقة في تاريخ البشرية وعلى أثرها تغيرت الكثير من المعالم الاقتصادية والاجتماعية للعالم، وظلت الصناعة تتطور وتنمو حتى وصلت إلى حقبة التطور التقني والهندسي الممثلة في الثورة الصناعية الثانية التي أخذت الدول الغربية وأمريكا الشمالية مكانًا بها بداية من عام 1870م وظلت مستمرة حتى بداية الحرب العالمية الأولى، ثم تعرض الاقتصاد العالمي للكساد الكبير عام 1920م ثم لحقته الحرب العالمية الثانية، والتي من بعدها تغير شكل الاقتصاد والنظام العالمي بأكمله بعد توقيع اتفاقية “بريتون وودز” الشهيرة في عام 1944م.

      تاريخ تأسيس الصندوق 

      تأسس صندوق النقد الدولي لأول مرة عام 1945م كجزء أساسي من الاتفاقية الشهيرة المعروفة “بريتون وودز”، والتي تمت بعد الحرب العالمية الثانية، بهدف دعم الاقتصاد العالمي والعمل على استقراره من خلال تثبيت أسعار صرف العملات المختلفة بالدولار الأمريكي وحده، على أن يكون الدولار مربوطًا بغطاء نقدي من الذهب، خاصة أن السعر الثابت للأونصة من الذهب في ذلك الوقت قدر بنحو 35 دولارًا، وبذلك يتحول الدولار الأمريكي من كونه مجرد عملة محلية للولايات المتحدة الأمريكية إلى عملة عالمية ذات اعتراف دولي تتم بها جميع المعاملات التجارية والاقتصادية بين الدول بشكل قانوني.

          ولم يكن صندوق النقد الدولي وحده المؤسسة المالية التي نتجت من إتفاقية “بريتون وودز”، ولكن تم إنشاء “البنك الدولي للإنشاء والتعمير” أيضًا وسمي لاحقًا بـ”البنك الدولي”، وكان الهدف الرئيسي من إنشائه هو إعادة بناء الدول الأوروبية بعد الدمار الذي لحقها جراء الحرب العالمية الثانية، وبعد ذلك تركزت جهود البنك الدولي في تقديم القروض والمنتجات المالية والخدمات الاستشارية للبلدان متوسطة الدخل المتمتعة بالأهلية الائتمانية، إضافة إلى مساعدة الدول في التصدي للتحديات الاقتصادية الإقليمية والعالمية.

              جهود البنك الدولي في مساعدة  البلدان متوسطة الدخل

              يعتبر البنك الدولي البلدان متوسطة الدخل محركًا رئيسيًا وهامًا للنمو الاقتصاد العالمي، لما تمثله من مركز وسوق هام لاستقبال صادرات البلدان المتقدمة وأيضًا الدول الأكثر فقرًا، كما يزيد من أهمية البلدان متوسطة الدخل بالنسبة للبنك الدولي وجود أكثر من 70% من فقراء العالم يتركزون في المناطق النائية من البلدان متوسطة الدخل، والتي تعاني من كثرة الأزمات والصدمات الاقتصادية والمالية ومن أبرزها أزمة التغير المناخي، وما تسببه من خسائر مادية نتيجة الأضرار الناتجة عن الكوارث الطبيعية من فيضانات وأعاصير وتصحر.

                  عدد أعضاء صندوق النقد الدولي ومهامه الأساسية

                  يبلغ عدد الدول المنتمية لصندوق النقد الدولي نحو 190 دولة، ويهدف الصندوق إلى تحقيق النمو والرخاء على أساس مستدام لكل بلدانه، وذلك عن طريق دعم السياسات الاقتصادية التي تعزز الاستقرار المالي والتعاون في المجال النقدي والتي تمثل ضرورة الإنتاجية وخلق الوظائف والرفاهية الاقتصادية، والصندوق تديره بلدانه الأعضاء وهو مسؤول أمامها.

                      وتتركز مهام الصندوق على ثلاث محاور وهي تعزيز التعاون النقدي الدولي، وتشجيع التوسع التجاري والنمو الاقتصادي، وتثبيط السياسات التي من شأنها الإضرار بالرخاء، ولتحقيق هذه المهمات، يعمل الصندوق بشكل تعاوني مع تلك البلدان إضافة إلى معاونة الهيئات الاقتصادية الدولية الأخرى من أجل الوصول إلى الهدف الأسمى وهو تحسين حياة المواطنين داخل الدول الأعضاء.

                          صندوق النقد الدولي والمملكة العربية السعودية 

                          كثفت المملكة في الآونة الأخيرة تعاونها مع صندوق النقد الدولي والذي نتج عنه إنشاء مكتب إقليمي للصندوق على الأراضي السعودية، بهدف العمل على توثيق العلاقات مع المنظمات الإقليمية ودول المنطقة، إضافة إلى التعاون في مجال بناء وتنمية القدرات الوطنية الاقتصادية.

                              ونستخلص أن صندوق النقد الدولي يعمل على المساعدة في الحد من الفقر وتشجيع التجارة، وتعزيز الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي في جميع أنحاء العالم، ويتحقق ذلك من خلال مراقبة بناء القدرات وتقديم القروض، وبينما يعمل صندوق النقد الدولي حاليًا على تحقيق هذه الأهداف مع الدول الأعضاء فيه البالغ عددها 190 دولة، لكنه يواجه العديد من الانتقادات الخاصة بالآثار السلبية المحتملة لبرامج إعادة الهيكلة الاقتصادية.