تعد الطاقة بمثابة عصب العملية التنموية في العالم، إذ تمكن الطاقة القيام بالاستثمارات وإطلاق ابتكارات جديدة في الصناعة والتعليم، والتي تعد بمثابة المحرك المحفز لخلق المزيد من الوظائف وارتفاع مستوى المعيشة، ومن المتوقع أن يعيش ما يقارب 660 مليون شخص دون الحصول على الكهرباء بحلول عام 2030م، وقد شهدت أسواق الطاقة حالة من عدم الاستقرار بداية من عام 2020م، وحتى مطلع العام الجاري، نتيجة التغيرات الديناميكية التي شهدها العالم على مدار السنوات الأخيرة، حيث شهدت أسعار النفط منذ أبريل من عام 2020م انهيارًا كبيرًا ليصل سعر برميل خام برنت بحر الشمال إلى نحو 23 دولارًا للمرة الأولى منذ عام 2003م، ولم يكن النفط المكون الأساسي الوحيد في سوق الطاقة، الذي تعرض لاضطرابات سعرية عديدة، بل باقي المكونات أيضًا من غاز طبيعي وغيرها.. في هذا المقال نتحدث عن مكونات أسواق الطاقة.
النفط
يعد النفط واحدًا من أهم مصادر الطاقة في عالمنا الحالي، بل أكثرها استخدامًا وتأثيرًا، ويشكل سعر النفط مؤشرًا اقتصاديًا هامَا للاقتصاد، ويعد خبر ارتفاع أو انخفاض أسعار النفط بمثابة أمر جلل بالنسبة للدول المستوردة أو المصدرة للنفط، ومنذ مطلع العام الجاري عاودت أسعار النفط في الارتفاع التدريجي حتى وصلت الأسعار إلى أعلى مستوياتها بنهاية الربع الثالث من عام 2023م، ومن المتوقع أن يستمر ذلك الارتفاع في الربع الأخير من العام الجاري، ليصل بنهاية العام إلى أكثر من 150 دولارًا للبرميل، طبقًا لما ورد عن البنك الدولي، الذي أشار أيضًا إلى أحداث تتشابه مع أزمة النفط في السبعينيات، التي قد تدفع أسعار النفط إلى الارتفاع لما بين 140 و157 دولارًا للبرميل.
الغاز الطبيعي
يعد الغاز الطبيعي بمثابة ثاني أهم مصادر الطاقة، نظرًا لاستخداماتها العديدة في مجال الطاقة مما جعله يتفوق على النفط نظرًا لسهولة استخراجه ونقله، وعدم مساهمته في تلويث البيئة، وزيادة مستوى غازات الاحتباس الحراري مقارنة بالنفط، مما جعل الولايات المتحدة وأوروبا خاصةً أكثر اعتمادًا عليه في تغطية حاجتها من الطاقة. وقد وصلت أسعار الغاز الطبيعي إلى أعلى مستوى لها خلال 8 أشهر السابقة، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب منها انخفاض الإنتاج وتوقعات الطقس البارد والاضطرابات الإقليمية الراهنة.
وجدير بالذكر أن إجمالي الاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي، قد ارتفع عالميًا خلال العام الماضي ليصل إلى نحو 210.06 تريليون متر مكعب خلال عام 2022م، مقابل 205.15 تريليون متر مكعب في عام 2021م. أما عن إجمالي احتياطات الغاز لمنظمة الدول المصدّرة للنفط “أوبك” فقد زادت إلى نحو 75.12 تريليون متر مكعب خلال 2022م، مقابل حجم بلغ 74.24 تريليون متر مكعب في عام 2021م، وتستحوذ دول أوبك على 35.8% من الإجمالي العالمي.
يعد نشر مصادر الطاقة المتجددة في قطاعات الطاقة والحرارة والنقل أحد العوامل الرئيسية للحفاظ على ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية أقل من 1.5 درجة مئوية، وفي سيناريو صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050م، تسمح مصادر الطاقة المتجددة بإزالة الكربون بالكامل تقريبًا من توليد الكهرباء. وفي الوقت نفسه، يساهم وقود النقل المتجدد والحرارة المتجددة في تخفيضات كبيرة في الانبعاثات في وسائل النقل والمباني والصناعة.
وتمثل مصادر الطاقة المتجددة الآن 30% من إجمالي حجم توليد الكهرباء على مستوى العالم، حيث وصل الاستثمار في الطاقة النظيفة إلى مستوى قياسي بلغ 1.6 تريليون دولار أمريكي في عام 2022م، أي بزيادة قدرها 15% تقريبًا عن عام 2021مم، مما يدل على استمرار الثقة في تحولات الطاقة حتى في ظل المناخ الاقتصادي غير المستقر.