عادة ما تتسبب موجات الركود في تراجع النمو بمختلف القطاعات نتيجة الضغوط الاقتصادية التي تنتجها تلك الأزمات على مختلف المستويات، وعلى سبيل المثال تشهد قطاعات مثل البيع بالتجزئة والمطاعم والترفيه والضيافة ذلك الركود بشكل ملموس ومؤثر على سير تلك الأعمال، ولكن هناك بعض المفارقات التي تحدث أحيانًا عندما تشهد بعض القطاعات نموًا خلال نفس تلك الفترات، والتي نستعرضها عبر الآتي.
- الرعاية الصحية
يعد قطاع الرعاية الصحية من أبرز القطاعات التي تتحسن بشكل ملحوظ خلال فترات الركود، نتيجة حاجة الجميع إلى الحصول على الرعاية الصحية اللازمة للحياة بصحة جيدة، وبالتالي من غير المرجح أن يبخل أي شخص عن ذلك الإجراء حتى عندما ينخفض دخله، ومن المهم على الجانب الاستثماري احتفاظ المستثمر بأسهم الرعاية الصحية التي يمتلكها لما لديها من نسب منخفضة للديون إلى حقوق الملكية، وتجنب الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية التي ما تزال في مراحلها الأولى.
- تقنية المعلومات
تصدر قطاع تقنية المعلومات قائمة أعلى الصناعات والقطاعات التي تتحسن خلال فترات الأزمات، حيث حققت بعض الشركات العاملة بالقطاع عائدات من رقمين عندما كان الاقتصاد في حالة انهيار، وكانت الشركات الثلاث النامية في حالة من الربح نتيجة بعض الأسباب، وعلى سبيل المثال نمت شركة Citrix بعد تعاظم الاهتمام وتزايد الاستخدام وعقد مؤتمرات الفيديو خلال فترة الإغلاق العالمي الذي تسبب فيه فيروس كوفيد-19، بينما شركة NortonLifeLock نمت بسبب الحاجة المتزايدة للأمن السيبراني وحلول النسخ الاحتياطي للمعلومات، وشركة NVIDIA من خلال زيادة الطلب على ألعاب الفيديو وحلول الكمبيوتر المنزلي، ويعد قطاع تقنية المعلومات مثل الرعاية الصحية في اعتباره قطاعًا مرنًا ونشطًا خلال فترة الانكماش الاقتصادي، كما أنه أصبح يستقطب المزيد من المهتمين بالمنتجات التقنية المتطورة.
- خدمات وأنشطة الاتصالات
تمثل أسماء شركات مثل Facebook Meta و Alphabet و Verizon أحد أبرز مقدمي خدمات الاتصالات التي تشمل شركات الاتصالات، وشركات التواصل الاجتماعي وشركات البحث على الإنترنت، وأجهزة البث المباشر وصانعي ألعاب الفيديو، والتي تحظى بفرص مميزة تجعلها بين القطاعات التي لا تتأثر بالركود، وعلى سبيل المثال شهدت شركات الخدمات المرئية المدفوعة بهذا القطاع ومنها نتفليكس نموًا كبيرًا خلال فترة جائحة كوفيد-19 نتيجة بقاء الناس في المنازل وتقييد الحركة، وهناك افتراض بأن شركات الاتصالات تكون أقل حساسية لتحركات السوق خلال الركود وأن شركات تقنية الإنترنت التي تعتمد على العائدات الإعلانية قد تواجه صعوبات مع خفض ميزانيات التسويق خلال الأزمات.
- السلع الاستهلاكية
تحقق السلع الاستهلاكية رواجًا جيدًا أثناء فترات الركود نظرًا لأنها توفر الضروريات اليومية التي لا يستغني عنها أي شخص مهما كانت الظروف، فلا يمكن أن يستغني شخص عن مكونات الطعام أو مستلزمات النظافة والعناية الشخصية أيًا كان وضعه الاقتصادي وربما يكون التفاوت بين المستهلكين في الأنواع والأسعار وحجم الإنفاق.
- العمل الحكومي
يمثل العمل بالجهات والهيئات الحكومية أحد القطاعات التي لا تتأثر بشكل بالغ عادة في حالات الركود، حيث تكفل تلك الأعمال رواتبًا ومزايا منتظمة أيًا كانت الأوضاع الاقتصادية، ولا تتحسس بتغير أسعار الفائدة لكون بعضها يقوم على الجوانب الخدمية التي لا يتخلى عنها الناس، وربما يزيد طلبهم عليها خلال أوقات الأزمات كوسيلة لاكتساب مهارات جديدة وتحسين فرص عملهم.
- التعليم
العمل في مجال التعليم من المجالات التي لا تتأثر بشكل كبير خلال فترات الأزمات، وربما يتعرض للتعليق الجزئي أو الإجازات لكنه لا يتوقف بشكل كامل، مثلما حدث خلال فترة جائحة كوفيد-19 التي شهدت ذروتها وقفًا للدراسة الحضورية في معظم المدارس والجامعات بمختلف البلدان مع الاستمرار فيها عبر المنصات الافتراضية، وذلك نظرًا لأن التعليم يمكن أن يكون طوق النجاة لتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية خلال أوقات الأزمات.
- الأغذية والمشروبات
ربما تتغير سلوكيات المستهلكين الشرائية خلال فترات الركود الاقتصادي تجاه الطعام والشراب لكنهم لا يتخلون عنه بشكل كامل، وقد يتبع البعض أو يقلل من شراء الأطعمة من خارج المنزل أو يشتري المزيد من الأطعمة الأساسية وربما يلجأ إلى الشراء بالجملة، واستخدام المزيد من قسائم الطعام والشراء أثناء التخفيضات، ولذا تسعى الشركات خلال تلك الفترات على مواجهة تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين من خلال تخفيض هامش الربح أو طرح المزيد من الخصومات أو العروض الترويجية بشكل مكثف.