تردد مفهوم المدن المستدامة في الآونة الأخيرة بشكل متكرر بين صناع القرار والحكومات المختلفة، رغبة في مواجهة التحديات التي تتعرض لها المدن في المستقبل القريب، وتشير تقارير الأمم المتحدة أن حوالي 66% من سكان العالم سيعيشون في المدن بحلول عام 2030م، كما من المتوقع  أن يزيد العدد ويصبح  7 من كل 10 أفراد يقطنون في مدينة بحلول عام 2050م، والذي سيزيد من معدلات انبعاث غاز الكربون على المدى البعيد، وتساهم المدن وحدها في إنتاج أكثر من 70% من انبعاثات الكربون في العالم مما يزيد الخطر على العالم من ظاهرة الإحتباس الحراري التي تهدد استمرار الحياة على كوكب الأرض، والتي تتطلب مواجهتها التصدي للعديد من التحديات المتعلقة بالبيئة والظواهر الاجتماعية.

    وفي ظل التطور التقني السريع الذي يشهده العالم والزيادة السريعة في معدلات التحضر التي نشهدها في القرن الواحد والعشرين، والاعتماد على حلول غير فعالة قصيرة الأجل، زادت الحاجة نحو إنشاء مدن ذكية مستدامة تعالج المشاكل التي تعاني منها المدن التقليدية، وتقدم حلول ملائمة لمجموعة المشكلات الملحة باستخدام آليات وحلول يمكن تطبيقها على أرض الواقع لتدعيم التنمية المستدامة والعمل بأهدافها في شتى مجالات الحياة.

    وتعد المدن الذكية أحد الابتكارات الضرورية التي فرضتها علينا عصر تقنية المعلومات، ويمكن تعريفها بأنها المدينة الذكية التي تستهدف دمج تقنية المعلومات في عملية التخطيط العمراني، بهدف إيجاد حلول مبتكرة لتعزيز التكامل البيئي والاقتصادي والاجتماعي  داخل المدن.  

      وتوصف المدن الذكية بأنها مدن مرنة وشاملة تم بناؤها بشكل تعاوني، وتستخدم أنواع متعددة من التقنية والبيانات من أجل تحقيق نوعية حياة أفضل لجميع سكانها، ويمكن اعتبارها مدنا توفر أداء جيد في محاور مثل البيئة، والاقتصاد، والنقل، والناس، والمعيشة والحوكمة، ويمكن القول أنها مستمدة من مجموعة من الاستراتيجيات الإبداعية كثيفة المعرفة والتي تهدف إلى تحسين الأداء الاجتماعي والاقتصادي والبيئي واللوجيستي والتنافسي للمدن، معتمدة في ذلك على مزيج من رأس المال البشري والبنية التحتية والاجتماعية وريادة الأعمال.

        تاريخ المدن الذكية

        تداول مصطلح المدن الذكية لأول مرة عام 1994م خلال المؤتمر الأوروبي للمدن الرقمية، وفي عام 1996م بدأت أوروبا في إنشاء أولى المدن الرقمية في مختلف الدول الأوروبية، وكانت مدينة أمستردام وهلسنكي أحد النماذج الأولى للمدن الرقمية (الذكية).

          أهمية التحول نحو مدن ذكية مستدامة

          حددت أهداف التنمية المستدامة للمدن الذكية التي تم إطلاقها عام 2015م، وتضمن الهدف الحادي عشر تحت عنوان “مدن ومجتمعات محلية مستدامة”، إنشاء مدن مستدامة آمنة توفر لساكنها وسائل الحياة  الأساسية من وسائل نقل ومساحات خضراء، ومياه نظيفة، ووسائل طاقة مستدامة.

            وأدى النمو الحاد في عدد سكان الحضر والزيادة اللاحقة في استهلاك الموارد إلى خلق العديد من التحديات على المدن التقليدية، وهنا ظهرت الحاجة نحو أهمية تغيير النماذج التقليدية في طريقة عمل المدن والاتجاه نحو نماذج  تعتمد على  الاستدامة.

              وتكمن الأهمية الأساسية من التحول نحو المدن الذكية المستدامة في المحافظة على الموارد الطبيعية وحماية البيئة من التلوث الناتج عن استهلاك كمية كبيرة من الطاقة، ولذا تكون المدن الذكية مليئة بالمستشعرات والحساسات التي تراقب درجة التلوث في الهواء، وبالتالي يمكن تساعد في اتخاذ إجراءات سريعة لمواجهة التلوث والقضاء عليه حتى يتمكن سكانها من العيش في صحة أفضل.

                وبجانب الأهمية الصحية، فهناك أهمية اقتصادية واجتماعية كبيرة تكمن في صورة طرح المزيد من الخدمات المبتكرة التي تساهم في توفير العديد من فرص العمل المناسبة، إضافة إلى إنشاء بنية تحتية أساسية من الطرق، والكبارى، والجسور، والموانئ، والسكك الحديدية التي توفر وسائل الحياة المثلى لقاطنيها. 

                للمزيد يمكنك الاطلاع على تقرير أوشن إكس عن المدن الذكية، والذي يسلّط الضوء على أهمية تطوير نموذج المدن الذكية والاستثمار فيها في ظل التطور التقني مع التركيز على إنجازات وجهود المملكة العربية السعودية.