بدأت المملكة تخطو خطوات هامة منذ اليوم الأول لإطلاق رؤيتها الطموحة، والتي تعد أكبر خطة وطنية للتغير وتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، مستهدفة بذلك خلق اقتصاد أكثر تنوع واستدامة يره العالم ويتأثر به، جنبًا إلى جنب مع تغيرات  اجتماعية شاملة على كافة المستويات، كما تسعى إلى بناء منظومة اجتماعية أكثر عدل وكفاءة وتمكين، وحرصت الرؤية ضمن ركائزها على ذكر كلمةمجتمع حيويفي إشارة إلى أن التقدم والتطور الاقتصادي لن يكتمل سوى ببناء مجتمع سعيد وحيوي يحقق الأمن والرفاهية لمواطنيه وسكانه.

      ونجحت  المرحلة الأولى من رؤية 2030م في استهداف عدة إصلاحات مختلفة، لتكون الأساس الذي يحمل التطور الذي تستهدفه الرؤية بحلول 2030م، ومنذ بداية المرحلة الثانية من الرؤية عام 2021م، ركزت الجهود المملكة على  تحقيق إصلاحات هيكلية على مستوى واسع فيما يخص القطاع الخاص، حيث وضعت المرحلة الثانية من الرؤية أحد أولويتها في توسيع مشاركة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية في المملكة، وجذب الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات بهدف تمكينها وزيادة مشاركتها ومساهمتها في الناتج الإجمالي المحلي.

         وعملت على إطلاق العديد من المبادرات والبرامج التي تعزز بعض القطاعات الاقتصادية التي من شأنها المساهمة في تعزيز مرونة الاقتصاد وقدرته على المنافسة على المستوى الإقليمي والعالمي،  مستفيدة من موقعها الاستراتيجي اللوجستي المميز لتعزيز جاذبيتها وموقعها في التجارة الدولية كحلقة وصل في سلاسل الإمداد.

          تمكين المرأة

          ركز التقرير على إبراز أولى الخطوات التي اتخذتها المملكة لتمكين المرأة اقتصاديًا ودورها الفعال في دفع عجلة التنمية عن طريق ممارسة النشاط التجاري حيث وصلت نسبة تملك النساء للمنشآت التجارية نحو 45% من إجمالي عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الربع الثالث من عام 2022م، كما ارتفع معدل المشاركة الاقتصادية للإناث في سوق العمل من 17%  عام 2017م إلى نحو 36% بنهاية عام 2022م، وأشادت المنظمات الدولية بتلك النتائج وانعكست على تقاريرها حيث قفزت درجة المملكة  في تقرير المرأة والأعمال والقانون الصادر من البنك الدولي من 25.63 نقطة عام 2019م إلى 80 نقطة عام 2022م.

            البحث والابتكار

            أما عن الجانب البحثي والابتكاري فقد حرصت المملكة على زيادة الدعم المقدم لهذا القطاع بشكل غير مسبوق، حيث تستهدف المملكة أن يحصل القطاع على 2.5% من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2040م، وهو ما يتوقع أن يساهم في إضافة 60 مليار ريال سعودي في الاقتصاد الوطني، عوضًا عن إطلاق عدة برامج ومشاريع تستهدف دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، لما لها من دور حيوي في المساهمة في نهضة الاقتصاد، حيث سجل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مقارنة بالعام السابق بنسبة 8.7% وهو ما يمثل أعلى معدل نمو بين دول مجموعة العشرين، مع تنامي نسبة الأنشطة غير النفطية بنحو 6.2% مقارنة بالعام السابق، مع ارتفاع صادرات السلع غير النفطية في 2022م بنسبة 37.7%، بالإضافة إلى ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في ذات العام بنسبة 10.7% مقارنة بالعام السابق 2021م.

              صناعة السيارات الكهربائية  

              وشهدت صناعة السيارات دعمًا كبيرًا خلال الفترة الماضية من خلال الاستثمار في شركات السيارات الكهربائية العالمية، بل وصل سعيها نحو خلق علامات تجارية وطنية سعودية لصناعة السيارات الكهربائية، وهي شركةسيرالتي كانت نتاجًا مشتركًا بين صندوق الاستثمارات العامة وشركةفوكسكونبهدف تصميم وتصنيع السيارات الكهربائية بالكامل داخل المملكة، وهو ما سيساهم في جذب استثمارات أجنبية مباشرة بنحو 562 مليون ريال سعودي بإجمالي مساهمة في الناتج المحلي بنحو 30 مليار ريال سعودي مع توفير 30 ألف وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر بحلول عام 2034م.

                برنامج الابتعاثات

                تظهر نتائج الجهود التي بذلتها المملكة في إطار رؤية 2030 جليًا على القطاع الاجتماعي، والذي ساهم بالطبع في تطور القطاع الاقتصادي ورسم مساره التحولي الجديد، حيث رسمت المملكة الطريق أمام المواطن السعودي لتحقيق ذاته لزيادة ثقته في نفسه وقدراته وإمكاناته حتى يكون عاملًا فعالًا في مجتمعه، ولعل أبرز ما يميز المملكة هو شبابها وتركيبة سكانها المميزة، وهو ما استغلته المملكة على مدى سنوات عديدة في برامج الابتعاث التي فتحت آفاق جديدة للشباب والشابات لتشجيعهم على متابعة شغفهم.

                   وتطورت تلك البرامج لتتحول من الكمية إلى النوعية للتناسب مع حجم الاستثمارات التي تشهدها المملكة في القطاعات التقنية والسياحية والذكاء الإصطناعي والفنون وغيرها من المجالات، وتهدف المملكة بحلول عام 2030م إلى ابتعاث ما يقارب إلى 70 ألف طالب وطالبة ضمن 4 مسارات جديدة تلبي احتياجات ومتطلبات المملكة في الفترة القادمة، المسار الأولمسار الروادوالذي يهدف إلى إخراج رواد في مختلف المجالات، والمسار الثانيمسار الإمدادويهدف إلى مد سوق العمل بالاحتياجات المطلوبة، أما المسار الثالث فهومسار البحث والتطويرلتأهيل طلاب الدراسات العليا ليكونوا علماء في المستقبل، والمسار الرابعمسار واعدوهو للارتقاء بالقطاعات الواعدة في المملكة بالتنسيق مع القطاع الخاص.

                    قطاع التراث الثقافي   

                    ركزت الممكلة على استعراض ما تحتويه أراضيها من تراث ثقافي فريد من نوعه والذي يختلف بحسب كل منطقة، فأطلقت المبادرات والبرامج لتأسيس مفهوم مبتكر في الحفاظ على الحرف اليدوية التراثية والاهتمام بها، إضافة إلى تعزيز وتطوير مهارات العاملين في هذه الحرف وإشراكهم وتمكينهم في برامج الجذب السياحي، بهدف جذب أنظار العالم إلى المملكة ليتعرفوا أكثر عن ما تحتويه أراضيها من تاريخ عريق.

                       وعلى سبيل المثال مبادرةبيت الحرفيينوهي المبادرة التي تم إطلاقها بهدف إبراز أصالة الحرف اليدوية في السعودية، ودعمها بإنشاء ورش عمل، لتكون مقرًا لإقامة الأنشطة الخاصة بالحرف والأنشطة المجتمعية الخاصة بالحرف اليدوية، كما تم افتتاح 3 بيوت للحرفيين وهممدرسة الأميرة” بالأحساء، و”سوق المسوكف” في عنيزة، و”سوق الحرفيين” في بريدة، إضافة إلى تشغيل 4 مواقع إضافية مثلمحطة قطار تبوك”، و”قصر أبو ملحة” في عسير، و”سوق الحرفيين” بالأحساء، و”حديقة الأمير محمد بن عبدالعزيز” بالمدينة المنورة.

                        قطاع السياحة   

                        يشهد قطاع السياحة بالمملكة نقلة نوعية على كافة المستويات، حيث حققت المملكة أكثر من 94 مليون زيارة خلال عام 2022م، منقسمين إلى 16.5 مليون زيارة من الخارج و77.5 مليون زيارة من الداخل، وهو ما انعكس على معدلات نمو القطاع الذي بلغ نموه نحو 121% وبذلك يصبح من أكثر الوجهات السياحية نموًا في مجموعة العشرين، مقارنة بالمعدل العالمي قبل فترة جائحة فيروس كورونا المستجد إلى جانب مساهمة القطاع في توفير أكثر من 900 وظيفة مباشرة وهو ما يساهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة الطموحة للقطاع.

                          وساهمت استراتيجية السياحة الرقمية التي تم إطلاقها عام 2022م في رفع جاذبية قطاع السياحة من أجل رفع مؤشرات قطاع السياحة بالمملكة وحجز مقعد لها في خريطة السياحة العالمية وفق مستهدفات رؤية 2030م. وشهد أيضًا قطاع البنية التحتية اهتمامًا، وخاصة قطاع الضيافة الذي يعد أحد القطاعات الواعدة التي تدعمها رؤية 2030م، حيث أطلق صندوق الاستثمارات العامة مجموعةبونيك” لتكون يد الصندوق في الاستثمار في الضيافة الفاخرة، إضافة إلى تشغيل سلسلة من القصور ذات الأهمية التاريخية والثقافية، منها على سبيل المثال قصرالحمراء” في جدة، وقصرطويق” وقصرالأحمر” في الرياض.

                             وساهمت آلية إصدار التأشيرات الشخصية الجديدة في تحفيز معدلات السياحة الخارجية للمملكة، حيث أصبحت زيارة المملكة أسهل وأسرع من أي وقت مضى، كما تتيح منصة التأشيرات خدمة للراغبين في الحصول على تأشيرة زيارة إلكترونية من المقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي.

                              قطاع البيئة والمناخ  

                              ركزت رؤية 2030م على تنمية القطاع البيئي، وكدولة رائدة في مجال الطاقة شددت المملكة على إصدار عدة مبادرات لتخفيف آثار التغير المناخي، ولذا جعلت الرؤية الاستدامة والحفاظ على البيئة ركنًا أساسيًا في خطتها التنموية على كافة المستويات، حيث أطلقت المملكة النسخة الثانية من قمةمبادرة الشرق الأوسط الأخضر”، والتي تعد بمثابة خارطة طريق لتحقيق مستقبل أكثر استدامة للمنطقة كلها، وتستهدف المبادرة خفض أكثر من 20 مليون طن من انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون، بالإضافة إلى المساهمة في خفض 10% من الانبعاثات العالمية، كما حددت المبادرة زراعة ما يقرب من 50 مليار شجرة، وزيادة مساحة الأراضي المغطاة بالأشجار إلى 12 ضعف، بالتوازي مع استصلاح 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، مما سيخفض 2.5% من معدلات الانبعاثات العالمية.